الأحد، 9 يونيو 2013
أَمَّا تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَخْفِيفٌ..
أَمَّا تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَخْفِيفٌ وَتَلْيِينٌ وَتَسْهِيلٌ أَسْمَاءٌ مُتَرَادِفَةٌ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ التَّخْفِيفِ وَكُلٌّ مِنْهَا مُتَوَاتِرٌ بِلَا شَكٍّ:
أَحَدُهَا: النَّقْلُ وَهُوَ نَقْلُ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى الساكن قبلها، نحو: {قد أفلح} بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ الْفَتْحَةُ إِلَى دَالِ قد وتسقط الهمزة فَيَبْقَى اللَّفْظُ بِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا فَاءٌ وَهَذَا النَّقْلُ قِرَاءَةُ نَافِعٍ مِنْ طَرِيقِ وَرْشٍ فِي حَالِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ وَقِرَاءَةُ حَمْزَةَ فِي حَالِ الْوَقْفِ
الثَّانِي: أَنْ تُبْدَلَ الْهَمْزَةُ حَرْفَ مَدٍّ مِنْ جِنْسِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا إِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ أُبْدِلَتْ أَلِفُهَا نَحْوَ بَاسٍ وَهَذَا الْبَدَلُ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ وَنَافِعٍ مِنْ طَرِيقِ وَرْشٍ فِي فَاءِ الْفِعْلِ وَحَمْزَةَ إِذَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ
الثَّالِثُ: تَخْفِيفُ الْهَمْزِ بَيْنَ بَيْنَ وَمَعْنَاهُ أَنْ تُسَهَّلَ الْهَمْزَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا فَإِنْ كَانَتْ مَضْمُومَةً سُهِّلَتْ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ أَوْ مَفْتُوحَةً فَبَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ أَوْ مَكْسُورَةً فَبَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ وَهَذَا يُسَمَّى إِشْمَامًا وَقَرَأَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قل آلذكرين} وَنَحْوِهِ وَذَكَرَهُ النُّحَاةُ عَنْ لُغَاتِ الْعَرَبِقَالَ: ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَصْرِيفِهِ وَاغْتُفِرَ الْتِقَاءُ السَّاكِنَيْنِ فِي نَحْوِ آلْحَسَنُ عِنْدَكَ؟ وَآيْمُنُ اللَّهِ يَمِينُكَ؟ وَهُوَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَوَّلُهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَفْتُوحَةٌ وَدَخَلَتْ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَيْهَا وَذَلِكَ مَا فِيهِ لَامُ التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا وَفِي ايْمُنِ اللَّهِ وَايْمُ اللَّهِ خَاصَّةً إِذْ لَا أَلِفَ وَصْلٍ مَفْتُوحَةً سِوَاهَا وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ خَوْفَ لَبْسِ الْخَبَرِ بِالِاسْتِخْبَارِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا أَلْحَسَنُ عِنْدَكَ وَحَذَفُوا هَمْزَةَ الْوَصْلِ عَلَى الْقِيَاسِ فِي مِثْلِهَا لَمْ يُعْلَمْ أَسْتِخْبَارٌ هُوَ أَمْ خَبَرٌ؟ فَأَتَوْا بِهَذِهِ عِوَضًا عَنْ هَمْزَةِ الْوَصْلِ قَبْلَ السَّاكِنِ فَصَارَ قَبْلَ السَّاكِنِ مَدَّةٌ فَقَالُوا آلْحَسَنُ عِنْدَكَ وَكَذَلِكَ آيْمُنُ اللَّهِ يَمِينُكَ فِيمَا ذَكَرَهُ وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَجْعَلُ هَمْزَةَ الْوَصْلِ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ بَيْنَ وَيَقُولُ آلْحَسَنُ عِنْدَكَ وَآيْمُنُ اللَّهِ يَمِينُكَ فِيمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ جَاءَ عَنِ الْقُرَّاءِ بِالْوَجْهَيْنِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَدْ أَشَارَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى التَّسْهِيلِ بَيْنَ بَيْنَ فِي رَسْمِ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ فَكَتَبُوا صُورَةَ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ} وَاوًا عَلَى إِرَادَةِ التَّسْهِيلِ بَيْنَ بَيْنَ قَالَهُ الدَّانِيُّ وَغَيْرُهُ
الرَّابِعُ: تَخْفِيفُ الْإِسْقَاطِ وَهُوَ أَنْ تُسْقَطَ الْهَمْزَةُ رَأْسًا وَقَدْ قَرَأَ بِهِ أَبُو عَمْرٍو فِي الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ إِذَا اتَّفَقَتَا فِي الْحَرَكَةِ فَأَسْقَطَ الْأُولَى مِنْهُمَا عَلَى رَأْيِ الشَّاطِبِيِّ وَقِيلَ الثَّانِيَةَ فِي نَحْوِ: {جَاءَ أَجَلُهُمْ} وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَفْتُوحَتَيْنِ نَافِعٌ مِنْ طَرِيقِ قَالُونَ وَابْنُ كَثِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْبَزِّيِّ وَجَاءَ هَذَا الْإِسْقَاطُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قِرَاءَةِ قُنْبُلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ فِي: {أَيْنَ شركاي الذين كنتم تشاقون فيهم} بإسقاط همزة: {شركائي}
الثَّالِثُ: أَنَّ الْقِرَاءَاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَيْسَتِ اخْتِيَارِيَّةً خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْهُمُ الزَّمَخْشَرِيُّ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّهَا اخْتِيَارِيَّةٌ تَدُورُ مَعَ اخْتِيَارِ الْفُصَحَاءِ وَاجْتِهَادِ الْبُلَغَاءِ وَرُدَّ على حمزة قراءة
{والأرحام} بِالْخَفْضِ وَمِثْلُ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَالْأَصْمَعِيِّ وَيَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ خَطَّئُوا حَمْزَةَ فِي قراءته: {وما أنتم بمصرخي} بِكَسْرِ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَكَذَا أَنْكَرُوا عَلَى أَبِي عَمْرٍو إِدْغَامَهُ الرَّاءَ عِنْدَ اللَّامِ فِي: {يَغْفِلَّكُمْ}
وَقَالَ: الزَّجَّاجُ إِنَّهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ وَلَا تُدْغَمُ الرَّاءُ فِي اللَّامِ إِذَا قُلْتَ مُرْلِي بِكَذَا لِأَنَّ الرَّاءَ حَرْفٌ مُكَرَّرٌ وَلَا يُدْغَمُ الزَّائِدُ فِي النَّاقِصِ لِلْإِخْلَالِ بِهِ فَأَمَّا اللَّامُ فَيَجُوزُ إِدْغَامُهُ فِي الرَّاءِ وَلَوْ أُدْغِمَتِ اللَّامُ فِي الرَّاءِ لَزِمَ التَّكْرِيرُ مِنَ الرَّاءِ وَهَذَا إِجْمَاعُ النَّحْوِيِّينَ انْتَهَى
وَهَذَا تَحَامُلٌ وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ قِرَاءَةِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ وَلَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهَا وَلِهَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا هذا بشرا} وَبَنُو تَمِيمٍ يَرْفَعُونَهُ إِلَّا مَنْ دَرَى كَيْفَ هِيَ فِي الْمُصْحَفِ
وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ مَرْوِيَّةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَكُونُ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ مَا روي عنه انتهى
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق