الخميس، 20 يونيو 2013

فَائِدَة طَالب النّفُوذ إِلَى الله وَالدَّار الْآخِرَة


فَائِدَة طَالب النّفُوذ إِلَى الله وَالدَّار الْآخِرَة

بل وَإِلَى كل علم وصناعة
ورئاسة بِحَيْثُ يكون رَأْسا فِي ذَلِك مقتدى بِهِ فِيهِ يحْتَاج أَن يكون شجاعا مقداما حَاكما على وهمه غير مقهور تَحت سُلْطَان تخيّله زاهدا فِي كل مَا سوى مَطْلُوبه عَاشِقًا لما توجه إِلَيْهِ عَارِفًا بطرِيق الْوُصُول إِلَيْهِ والطرق القواطع عَنهُ مِقْدَام الهمة ثَابت الجأش لَا يثنيه عَن مَطْلُوبه لوم لأثم وَلَا عذل عاذل كثير السّكُون دَائِم الْفِكر غير مائل مَعَ لَذَّة الْمَدْح وَلَا ألم الذَّم قَائِما بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من أَسبَاب معونته لَا تستفزه المعارضات شعاره الصَّبْر وراحته التَّعَب محبا لمكارم الْأَخْلَاق حَافِظًا لوقته لَا يخالط النَّاس إِلَّا على حذر كالطائر الَّذِي يلتقط الْحبّ بَينهم قَائِما على نَفسه بالرغبة والرهبة طامعا فِي نتائج الِاخْتِصَاص على بني جنسه غير مُرْسل شَيْئا من حواسه عَبَثا وَلَا مسرحا
خواطره فِي مَرَاتِب الْكَوْن وملاك ذَلِك هجر العوائد وَقطع العلائق الحائلة بَيْنك وَبَين الْمَطْلُوب وَعند الْعَوام أَن لُزُوم الْأَدَب مَعَ الْحجاب خير من إطراح الْأَدَب مَعَ الْكَشْف

اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28128 

خُذُوا حِذْركمْ


خُذُوا حِذْركمْ



فالحازم يتوقَّفُ حتى يرى ويبصر، ويترقَّب، ويتأمَّل، ويُعيدَ النظر، ويقرأ العواقب، ويقدِّر الخطواتِ، ويُبرم الرأي، ويحتاط ويَحْذر، لئلاَّ يندم، فإن وقع الأمرُ على ما أراد، حَمِدَ الله، وشكر رأيه، وإن كانتِ الأُخرى، قال: قدرَّ اللهُ، وما شاء فَعَلَ. ورضي ولم يحزنْ.

اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28129 

فتبيَّنُوا


فتبيَّنُوا



فالعاقلُ ثابتُ القدمِ، سديدُ الرَّأْي، إذا هجمتْ عليهِ الأخبارُ، وأشكلتِ المسائلُ، فلا يأخُذُ بالبوادِر، ولا يتعجَّل الحُكم، وإنما يُمحِّصُ ما يسمعُ، ويقلِّبُ النظر، ويُحادثُ الفكر، ويُشاوِرُ العقلاء، فإنَّ الرَّأْي الخمير، خيرٌ من الرأي الفطيرِ. وقالوا: لأن تُخطئ في العفوِ، خيرٌ منْ أنْ تخطئ في العقوبةِ {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .

اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf
منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28130 

فَائِدَة من الذَّاكِرِينَ من يبتديء بِذكر اللِّسَان


فَائِدَة من الذَّاكِرِينَ من يبتديء بِذكر اللِّسَان

وَإِن كَانَ على غَفلَة ثمَّ لَا
يزَال فِيهِ حَتَّى يحضر قلبه فيتواطئا على الذّكر وَمِنْهُم من لَا يرى ذَلِك وَلَا يبتدىء على غَفلَة بل يسكن حَتَّى يحضر قلبه فيشرع فِي الذّكر بِقَلْبِه فَإِذا قوي استتبع لِسَانه فتواطئا جَمِيعًا فَالْأول ينْتَقل الذّكر من لِسَانه إِلَى قلبه وَالثَّانِي ينْتَقل من قلبه إِلَى لِسَانه من غير أَن يَخْلُو قلبه مِنْهُ بل يسكن أَولا حَتَّى يحس بِظُهُور النَّاطِق فِيهِ فَإِذا أحس بذلك نطق قلبه ثمَّ انْتقل النُّطْق القلبي إِلَى الذّكر اللساني ثمَّ يسْتَغْرق فِي ذَلِك حَتَّى يجد كل شَيْء مِنْهُ ذَاكِرًا وَأفضل الذّكر وأنفعه مَا واطأ فِيهِ الْقلب اللِّسَان وَكَانَ من الْأَذْكَار النَّبَوِيَّة وَشهد الذاكر مَعَانِيه ومقاصده
اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28131 

اعزمْ وأقْدِمْ


اعزمْ وأقْدِمْ


إنَّ كلَّ ما أكتبُه هنا منْ آياتٍ وأبياتٍ، وأثرٍ وعِبر، وقصصٍ وحِكم، تدعوك بأنْ تبدأ حياةً جديدةً، مِلْؤُها الرجاءُ في حُسْنِ العاقبةِ، وجميلِ الختامِ، وأفضلِ النتائجِ. ولا تستطيعُ أن تستفيد إلا بهمَّةٍ صادقةٍ، وعزمٍ حثيثٍ، ورغبةٍ أكيدةٍ في أن تتخلَّص منْ همومِك وغمومك وأحزانِك وكآبتِك. قيل لأحدِ العلماءِ: كيف يتوبُ العبدُ؟ قال: لابُدَّ له منْ سوْطِ عَزْمٍ. ولذلك
ميَّز اللهُ أُولي العزمِ بالهِممِ {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} . وآدمُ ليس من أُولي العَزْمِ، لأنه {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} ، وكذلك أبناؤه، فهي شِنْشِنَةٌ نعرفُها مِنْ أخْزمِ، ومنْ يُشابِه أباه فما ظلَمَ، لكن لا تقْتدِ به في الذنبِ، وتُخالِفْه في التوبةِ. واللهُ المستعانُ.

اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28132 

فصل أَنْفَع النَّاس لَك


فصل أَنْفَع النَّاس لَك

رجل مكّنك من نَفسه حَتَّى تزرع فِيهِ خيرا أَو
تصنع إِلَيْهِ مَعْرُوفا فَإِنَّهُ نعم العون لَك على منفعتك وكمالك فانتفاعك بِهِ فِي الْحَقِيقَة مثل انتفاعه بك أَو أَكثر وأضر النَّاس عَلَيْك من مكّن نَفسه مِنْك حَتَّى تَعْصِي الله فِيهِ فَإِنَّهُ عون لَك على مضرّتك ونقصك
اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28133 

ليستْ حياتُنا الدنيا فحسْب


ليستْ حياتُنا الدنيا فحسْب



سعادةُ الآخرةِ مرهونةٌ بسعادةِ الدنيا، وحقٌّ على العاقِل أن يعلم أنَّ هذه الحياة متَّصلة بتلك، وأنها حياة واحدةُ، الغيب والشهادةُ، والدنيا والآخرة، واليومُ وغدٌ. وظنَّ بعضُهم أنَّ حياته هنا فحسْب، فجمع فأوعى، وتشبَّث بالبقاءِ، وتعلَّق بحياةِ الفناء، ثم مات ومآرُبه وطموحاتُه ومشاغلُه في صدرِه.
نروحُ ونغدو لحاجاتِنا ... وحاجةُ منْ عاش لا تنقضي
تموت مع المرِ حاجاتهُ ... وتبْقى له حاجةٌ ما بقِي
أشاب الصغير وأفني الكبيـ ... ـرُّ الغداةِ ومرُّ العشِي
إذا ليلةٌ أهرمت يومها ... أتى بعد ذلك يومٌ فتِي

وعجبتُ لنفسي والناسِ من حولي: آمالٌ بعيدةٌ، وأحلامٌ مديدةٌ وطموحاتٌ عارمةٌ، ونوايا في البقاءِ، وتطلَّعاتٌ مُذهلةٌ، ثم يذهبُ الواحدُ منّا ولا يُشاورُ أو يُخبرُ أو يُخبَّرُ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} .
وأنا أعرضُ عليك ثلاث حقائق:
الأولى: متى تظنُّ أنك سوف تهدأُ وترتاحُ وتطمئنُّ، إذا لم ترض عن ربَّك وعنْ أحكامِه وأفعالِه وقضائِه وقدرِه، ولم ترض عنْ رزقِك، ومواهبِك وما عندك!
الثانية: هلْ شكرت على ما عندك من النِّعم والأيادي والخبرات حتى تطلب غيرها، وتسأل سواها؟! إنَّ منْ عَجَزَ عن القليلِ، أوْلى أن يعجز عن الكثير.
الثالثة: لماذا لا نستفيدُ من مواهبِ اللهِ التي وهبنا وأعطانا، فنثمِّرُها، وننمِّيها، ونوظِّفُها توظيفاً حسناً، وننقيها من المثالبِ والشَّوائبِ، وننطلقُ بها في هذه الحياةِ نفعاً وعطاءً وتأثيراً.
إن الصِّفاتِ الحميدة والمواهب الجليلة، كامنةٌ في عقولِنا وأجسامِنا، ولكنَّها عند الكثير منّا كالمعادنِ الثمينةِ في التُّرابِ، مدفونةٌ مغمورةٌ مطمورةٌ، لم تجِد حاذقاً يُخرِجُها من الطينِ، فيغسلُها وينقِّيها، لتلمع وتشعَّ وتُعرف مكانتُها.


اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28134 

فصل اللَّذَّة المحرّمة ممزوجة بالقبح


فصل اللَّذَّة المحرّمة ممزوجة بالقبح

حَال تنَاولهَا مثمرة للألم بعد
انْقِضَائِهَا فَإِذا اشتدّت الداعية مِنْك إِلَيْهَا ففكر فِي انقطاعها وَبَقَاء قبحها وألمها ثمَّ وازن بَين الْأَمريْنِ
وَانْظُر مَا بَينهمَا من التَّفَاوُت والتعب بِالطَّاعَةِ ممزوج بالْحسنِ مثمر للذة والراحة فَإِذا ثقلت على النَّفس ففكر فِي انْقِطَاع تعبها وَبَقَاء حسنها ولذتها وسرورها ووازن بَين الْأَمريْنِ وآثر الرَّاجِح على الْمَرْجُوح فَإِن تألّمت بِالسَّبَبِ فَانْظُر إِلَى مَا فِي الْمُسَبّب من الفرحة وَالسُّرُور واللذة يهن عَلَيْك مقاساته وَإِن تألمت بترك اللَّذَّة الْمُحرمَة فَانْظُر إِلَى الْأَلَم الَّذِي يعقبه ووازن بَين الألمين وخاصيّة الْعقل تَحْصِيل أعظم المنفعتين بتفويت أدناهما وَاحْتِمَال أَصْغَر الألمين لدفع أعلاهما
وَهَذَا يحْتَاج إِلَى علم بالأسباب ومقتضياتها وَإِلَى عقل يخْتَار بِهِ الأولى وَإِلَّا نفع بِهِ لَهُ مِنْهَا فَمن وفّر قسمه من الْعقل وَالْعلم وَاخْتَارَ الْأَفْضَل وآثره وَمن نقص حَظه مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا اخْتَار خِلَافه وَمن فكّر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة علم أَنه لَا ينَال وَاحِدًا مِنْهُمَا إِلَّا بمشّقة فليتحمّل المشقّة لخيرهما وأبقاهما


اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28135 

التَّوارِي من البطْش حلٌّ مؤقَّتٌ ريثما يبرُقُ الفرجُ


التَّوارِي من البطْش حلٌّ مؤقَّتٌ ريثما يبرُقُ الفرجُ



قرأتُ كتاب (المتوارين) لعبدِ الغني الأزديِّ، وهو لطيفٌ جذَّاب، يتحدَّث فيه عمَّن توارى خوفاً من الحجاجِ بن يوسف، فعلمتُ أنَّ في الحياةِ فسحةً، وفي الشَّرِّ خياراً، وعنِ المكروهِ مندوحةً أحياناً.
وذكرتُ بيتينِ للأبيورديِّ عن تواريهِ، يقولُ:
تستَّرْتُ مِن دهري بظِلِّ جناحِهِ ... فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تسألِ الأيام عنُي ما دَرَتْ ... وأين مكاني ما عرفت مكاني

هذا القارئُ الأديبُ اللامعُ الفصيحُ الصَّادِقُ، أبو عمرو بنُ العلاءِ، يقولُ عن مُعاناتِه في حالة الاختبار: «أخافني الحجَّاجُ فهربتُ إلى اليمن، فولجتُ في بيتٍ بصنعاء، فكنتُ من الغدواتِ على سطحِ ذلك البيتِ، إذْ سمعتُ رجلاً يُنشدُ:
رُبَّما تجزعُ النُّفوسُ من الأمـ ... ـرِ لهُ فُرْجَةٌ كحلِّ العِقالِ
قال: فقلتُ: فُرْجةٌ. قال: فسُررتُ بها. قال: وقالَ آخرَ: مات الحجّاجُ. قال: فواللهِ ما أدري بأيِّهما كنتُ أُسَرُّ، بقولهِ: فرْجةٌ. أو بقولِه: مات الحجّاجُ» .
إنَّ القرار الوحيد النافذ، عند من بيده ملكوتُ السماواتِ والأرضِ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} .
توارى الحسنُ البصريُّ عنِ عين الحجَّاج، فجاءه الخبرُ بموتِهِ، فسجد شكراً اللهِ.
سبحان اللهِ الذي مايز بين خلْقِه، بعضُهم يموتُ، فيُسجدُ غيْرُهُ للشُّكر فرحاً وسروراً {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ} . وآخرون يموتون، فتتحوَّلُ البيوتُ إلى مآتِم، وتقرحُ الأجفانُ، وتُطعنُ بموتهم القلوبُ في سويدائِها.

وتوارى إبراهيمُ النَّخعِيُّ من الحجَّاج، فجاءه الخبرُ بموتِهِ، فبكى إبراهيمُ فرحاً.
طفح السرورُ عليَّ حتى إنني ... منْ عظمِ ما قد سرَّني أبكاني

إنَّ هناك ملاذاتٍ آمنة للخائفين في كَنَف أرحمِ الراحمين، فهو يرى ويسمعُ ويُبصرُ الظالمين والمظلومين، والغالبين والمغلوبين {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} .
ذكرتُ بهذا طائراً يسمَّى الحُمَّرة، جاءت تُرفرفُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو جالسٌ مع أصحابِه تحت شجرةٍ، كأنها بلسانِ الحالِ تشكو رجلاًَ أخذ أفراخها منْ عشِّها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((منْ فجع هذه بأفراخِها؟ رُدُّوا عليها أفراخها)) .
وفي مثل هذا يقولُ أحدُهم:
جاءتْ إليك حمامةٌ مُشتاقةٌ ... تشكو إليك بقلبِ صبِّ واجفِ
منْ أخبر الورْقاء أنَّ مكانكم ... حَرَمٌ وأنَّك ملجأٌ للخائِفِ
وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ: واللهِ لقد فررتُ من الحجَّاج، حتى استحييتُ من اللهِ عزَّ وجلَّ. ثم جيءَ به إلى الحجّاج، فلمَّا سُلَّ السيفُ على رأسِه، تبسَّم. قال الحجاجُ: لِم تبتسمُ؟ قال: أعجبُ منْ جُرأتك على اللهِ، ومن حِلْمِ الله عليك. يا لها من نفْسٍ كبيرةٍ، ومن ثقةٍ في وعدِ اللهِ، وسكونٍ إلى حُسْنِ المصيرِ، وطِيبِ المُنقلَب. وهكذا فليكُنِ الإيمانُ.

أنت تتعاملُ مع أرحمِ الراحمين
إن لفت نَظَرَك هذا الحديثُ، فقد لفت نظري أيضاً، وهو ما رواه أحمد وأبو يعلى والبزارُ والطبرانيُّ، أنَّ شيخاً كبيراً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مُدَّعِمٌ على عصا، فقال: يا نبيَّ اللهِ، إنَّ لي غدراتٍ وفجراتِ، فهل يُغفرُ لي؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسول الله؟)) قال: نعمْ يا رسول اللهِ. قال: ((فإن الله قد غفر لك غدراتِك وفجراتِك)) . فانطلق وهو يقول: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ.
أفهمُ من الحديث مسائل: منها سعةُ رحمةِ أرحمِ الراحمين، وأنَّ الإسلام يهدمُ ما قبله، وأن التوبة تجبُّ ما قبلها، وأن جبال الذنوب في غفرانِ علاّم الغيوب لاشيءٌ، وأنه يجبُ عليك حُسْنُ الظَّنِّ بمولاك، والرجاءُ في كرمِه العميمِ، ورحمتِه الواسعةِ.


اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28136 

براهينُ تدعوك للتفاؤلِ


براهينُ تدعوك للتفاؤلِ



في كتابِ «حُسْنِ الظَّنّ باللهِ» لابن أبي الدنيا، واحدٌ وخمسون ومائة نصٍّ، ما بين آيةٍ وحديث، كلُّها تدعوك إلى التفاؤلِ، وترْكِ اليأسِ والقنوطِ، والمُثابرَة على حُسْنِ الظَّنِّ وحُسْنِ العَمَلِ، حتى إنك لتجدُ نصوصَ الوعدِ أعْظَمَ منْ نصوصِ الوعيدِ، وأدلَّةَ التهديدِ، وقد جعل اللهُ لكلِّ شيءٍ قدراً.

اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28137 

فصل لله على العَبْد فِي كل عُضْو من أَعْضَائِهِ أَمر


فصل لله على العَبْد فِي كل عُضْو من أَعْضَائِهِ أَمر

وَله عَلَيْهِ فِيهِ
نهي وَله فِيهِ نعْمَة وَله بِهِ مَنْفَعَة وَلَذَّة فَإِن قَامَ لله فِي ذَلِك الْعُضْو بأَمْره واجتنب فِيهِ نَهْيه فقد أدّى شكر نعْمَته عَلَيْهِ فِيهِ وسعى فِي تَكْمِيل انتفاعه ولذته بِهِ وَإِن عطّل أَمر الله وَنَهْيه فِيهِ عطّله الله من انتفاعه بذلك الْعُضْو وَجعله من أكبر أَسبَاب ألمه ومضرّته وَله عَلَيْهِ فِي كل وَقت من أوقاته عبوديّة تقدمه إِلَيْهِ تقربه مِنْهُ فَإِن شغل وقته بعبودية الْوَقْت تقدم إِلَى ربه وَإِن شغله بهوى أرواحه وبطالة تأخّر فَالْعَبْد لَا يزَال فِي التَّقَدُّم أَو تأخّر وَلَا وقُوف فِي الطَّرِيق البتّة قَالَ تَعَالَى لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ
اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28138 

حياةٌ كلُّها تعبٌ


حياةٌ كلُّها تعبٌ


لا تحزنْ منْ كدرِ الحياةِ، فإنها هكذا خُلقتْ.
إنَّ الأصل في هذه الحياة المتاعبُ والضَّنى، والسرورُ فيها أمرٌ طارئٌ، والفرحُ فيها شيءٌ نادرٌ. تحلو لهذه الدارِ واللهُ لم يرْضها لأوليائِه مستقرَّا؟!
ولولا أنَّ الدنيا دارُ ابتلاءٍ، لم تكُنْ فيها الأمراضُ والأكدارُ، ولم يضِقِ العيشُ فيها على الأنبياء والأخبار، فآدمُ يُعاني المِحن إلى أن خرج من الدنيا، ونوحٌ كذَّبهُ قومُه واستهزؤُوا به، ولإبراهيمُ يُكابِدُ النار وذَبْحَ الولد، ويعقوبُ بكى حتى ذهب بصرُه، وموسى يُقاسي ظُلم فرعون، ويلقى من قومه المِحنَ، وعيسى بنُ مريم عاش معدماً فقيراً، ومحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُصابِرُ الفقْر، وقتلِ عمِّهِ حمزة، وهو منْ أحبِّ أقاربِه إليه، ونفورِ قومِهِ منهُ. وغير هؤلاء من الأنبياءِ والأولياءِ مما يطُول ذِكْرُهُ. ولو خُلقتِ الدنيا لِلَّذَّةِ، لم يكنْ للمؤمنِ حظٌّ منها. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الدنيا سجنُ المؤمنِ، وجنَّةُ الكافرِ)) . وفي الدنيا سُجِن الصّالحون، وابتُلي العلماءُ العاملون، ونغِّص على كبارِ الأولياءِ. وكدّرتْ مشارِبُ الصادِقِين.

اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28139 

منْ كانتِ الدنيا همَّةُ، فرَّق اللهُ عليهِ أمرهُ


منْ كانتِ الدنيا همَّةُ، فرَّق اللهُ عليهِ أمرهُ

عن زيدِ بنِ ثابتٍ - رضي اللهُ عنه - قال: سمعتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ((منْ كانتِ الدنيا همَّةُ، فرَّق اللهُ عليهِ أمرهُ، وجعل فقرهُ بين عينيْه، ولم يأتِهِ منَ الدنيا إلا ما كُتب له. ومنْ كانتِ الآخرةُ نِيَّتهُ، جمع اللهُ له أمرهُ، وجعل غناهُ في قلبِهِ، وأتتْه الدنيا وهي راغمةٌ)) .وعنْ عبدِالله بن مسعودٍ - رضي اللهُ عنه - قال: سمعتُ نبيَّكم - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ((منْ جعل الهموم هماً واحداً، وهمَّ آخرته، كَفَاهُ اللهُ همَّ دنياه، ومنْ تشعبَّتْ به الهُمُومُ في أحوالِ الدُّنيا، لم يُبالِ اللهُ في أيِّ أَوْدِيتِها هَلَكَ)) .
قال الكاتبُ المعروفُ بـ «الببْغاء» :
تنكَّبْ مذْهبَ الهمجِ ... وعُذْ بالصبرِ تبْتَهِجِ
فإنَّ مُظلمَ الأيَّا ... م محجوجٌ بلا حُججِ
تُسامحُنا بلا شُكرٍ ... وتمْنَعُنا بلا حرجِ
ولُطفُ الله في إتيا ... نهِ فتْحٌ مِن اللّججِ
فمِنْ ضِيقٍ إلى سعةٍ ... ومِنْ غمٍّ إلى فرجِ


اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28140 

فصل أَقَامَ الله سُبْحَانَهُ هَذَا الْخلق بَين الْأَمر وَالنَّهْي وَالعطَاء


فصل أَقَامَ الله سُبْحَانَهُ هَذَا الْخلق بَين الْأَمر وَالنَّهْي وَالعطَاء

وَالْمَنْع فافترقوا فرْقَتَيْن فرقة قابلت أمره بِالتّرْكِ وَنَهْيه بالارتكاب وعطاءه بالغفلة عَن الشُّكْر وَمنعهبالسخط وَهَؤُلَاء أعداؤه وَفِيهِمْ من الْعَدَاوَة بِحَسب مَا فيهم من ذَلِك وَقسم قَالُوا إِنَّمَا نَحن عبيدك فَإِن أمرتنا سارعنا إِلَى الْإِجَابَة وَإِن نَهَيْتنَا أمسكنا نفوسنا وكففناها عمّا نَهَيْتنَا عَنهُ وَإِن أَعطيتنَا حمدناك وشكرناك وان منعتنا تضر إِلَيْك وَذَكَرْنَاك فَلَيْسَ بَين هَؤُلَاءِ وَبَين الْجنَّة إِلَّا ستر الْحَيَاة الدُّنْيَا فَإِذا مزقه عَلَيْهِم الْمَوْت صَارُوا إِلَى النَّعيم الْمُقِيم وقرة الْأَعْين كَمَا أَن أُولَئِكَ لَيْسَ بَينهم وَبَين النَّار إِلَّا ستر الْحَيَاة فَإِذا مزّقه الْمَوْت صَارُوا إِلَى الْحَسْرَة والألم
فَإِذا تصادمت جيوش الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فِي قَلْبك وَأَرَدْت أَن تعلم من أَي الْفَرِيقَيْنِ أَنْت فَانْظُر مَعَ من تميل مِنْهُمَا وَمَعَ من تقَاتل إِذْ لَا يمكنك الْوُقُوف بَين الجيشين فَأَنت مَعَ أَحدهمَا لَا محَالة فالفريق الأول استغشوا الْهوى فخالفوه واستنصحوا الْعقل فشاوروه وفرّغوا قُلُوبهم للفكر فِيمَا خلقُوا لَهُ وجوارحهم للْعَمَل بِمَا أمروا بِهِ وأوقاتهم لعمارتها بِمَا يعمر مَنَازِلهمْ فِي الْآخِرَة واستظهروا على سرعَة الْأَجَل بالمبادرة إِلَى الْأَعْمَال وَسَكنُوا الدُّنْيَا وَقُلُوبهمْ مسافرة عَنْهَا واستوطنوا الْآخِرَة قبل انتقالهم إِلَيْهَا واهتموا بِاللَّه وطاعنه على قدر حَاجتهم إِلَيْهَا وتزودوا للآخرة على قدر مقامهم فِيهَا فَعجل لَهُم سُبْحَانَهُ من نعيم الْجنَّة وروحها أَن آنسهم بِنَفسِهِ وَأَقْبل بقلوبهم إِلَيْهِ وَجَمعهَا على محبته وشوقهم إِلَى لِقَائِه ونعمهم بِقُرْبِهِ وَفرغ قُلُوبهم مِمَّا مَلأ قُلُوب غَيرهم من محبَّة الدُّنْيَا والهم والحزن على فَوتهَا وَالْغَم من خوف ذهابها فاستلانوا مَا استوعره المترفون وأنسوا بِمَا استوحش مِنْهُ الجاهلون صحبوا الدُّنْيَا بأبدانهم وَالْمَلَأ الْأَعْلَى بأرواحهم

اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28141 

الوَسَطِيَّةُ نجاةٌ من الهلاك


الوَسَطِيَّةُ نجاةٌ من الهلاك



تمامُ السعادة مبنيٌّ على ثلاثةِ أشياء:
1. اعتدالِ الغضبِ.
2. اعتدالِ الشهوةِ.
3. اعتدالِ العِلْمِ.
فيحتاجُ أن يكون أمرُها متوسِّطاً، لئلاَّ تزيد قوةُ الشهوةِ، فتُخرِجه إلى الرُّخصِ فيهلِك، أو تزيدُ قوةُ الغضبِ، فيخرُج إلى الجموحِ فيهلك. ((وخيرُ الأمورِ أوسطُها)) .
فإذا توسَّطتِ القُوَّتانِ بإشارة قوَّةِ العِلْمِ، دلَّ على طريقِ الهدايةِ. وكذلك الغضبُ: إذا زاد، سهُل عليهِ الضرْبُ والقتلُ، وإذا نقص، ذهبتِ الغيرةُ والحميَّةُ في الدينِ والدنيا، وإذا توسَّط، كان الصبرُ والشجاعةُ والحِكْمةُ. وكذلك الشهوةُ: إذا زادتْ، كان الفِسْقُ والفجورُ، وإنْ نقصتْ، كان العَجْزُ والفتورُ، وإن توسَّطتْ، كانتِ العفةُ والقناعةُ وأمثالُ ذلك. وفي الحديثِ ((عليكم هدْياً قاصِداً)) {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}


اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28142 

المرءُ بصِفاتِهِ الغالِبة




منْ سعادتِك أنْ تغْلِب صفاتُ الخيرِ فيك صفاتِ الذَّمِّ، فيُساقُ إليك الثناءُ حتى على شيءٍ ليس فيك، ولم يقْبَلِ الناسُ فيك ذمّا ولو كان صحيحاً، لأنَّ الماء إذا بلغ قُلَّتين لم يحملِ الخبث. إنَّ الجبل لا يزيدُ فيه حجرٌ ولا ينقصهُ حَجَرٌ.
طالعتُ هجوماً مقذعاً في قيسِ بن عاصم حليمِ العربِ، وفي البرامكةِ الكرماء، وفي قُتيْبة بن مسلمٍ القائدِ الشهيرِ، ووجدت أنَّ هذا الشتْم والهجْو، لم يُحفظْ ولم يُنقلْ ولم يُصدِّقْه أحدٌ، لأنه سقط في بحرِ المحاسنِ فغرق، ووجدتُ على الضِّدِّ منْ ذلك مدْحاً وثناءً في الحجَّاج، وفي أبي مسلمٍ الخراساني، وفي الحاكم بأمر الله العُبيْدِي، ولكنَّه لم يُحفظْ ولم يُنقلْ ولم يُصدِّقه أحدٌ، لأنه ضاع في ركامِ زيفِهم وظلمِهم وتهوًّرِهم، فسبحان العادلِ بين خلْقِهِ.

اسم الكتاب:لا تحزن
المؤلف: عائض بن عبد الله القرني
الفن: الرقاق والآداب والأذكار
الناشر:مكتبة العبيكان
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3141.pdf

فصل التَّوْحِيد أصلف شَيْء وأنزهه وأنظفه وأصفاه


فصل التَّوْحِيد أصلف شَيْء وأنزهه وأنظفه وأصفاه

فأدنى شَيْء يخدشه ويدنّسه
ويؤثّر فِيهِ فَهُوَ كأبيض ثوب يكون يؤثّر فِيهِ أدنى أثر وكالمرآة الصافية جدا أدنى شَيْء يُؤثر فِيهَا وَلِهَذَا تشوشه اللحظة واللفظة والشهوة الْخفية فَإِن بَادر صَاحبه
وَقلع ذَلِك الْأَثر بضده وَإِلَّا استحكم وَصَارَ طبعا يتعسّر عَلَيْهِ قلعه
وَهَذِه الْآثَار والطبوع الَّتِي تحصل فِيهِ مِنْهَا مَا يكون سريع الْحُصُول سريع الزَّوَال وَمِنْهَا مَا يكون سريع الْحُصُول بطيء الزَّوَال وَمِنْهَا مَا يكون بطيء الْحُصُول سريع الزَّوَال وَمِنْهَا مَا يكون بطيء الْحُصُول بطيء الزَّوَال وَلَكِن من النَّاس من يكون توحيده كَبِيرا عَظِيما ينغمر فِيهِ كثير من تِلْكَ الْآثَار ويستحيل فِيهِ بِمَنْزِلَة المَاء الْكثير الَّذِي يخالطه أدنى نَجَاسَة أَو وسخ فيغتر بِهِ صَاحب التَّوْحِيد الَّذِي هُوَ دونه فيخلط توحيده الضَّعِيف بِمَا خلط بِهِ صَاحب التَّوْحِيد الْعَظِيم الْكثير توحيده فَيظْهر تَأْثِيره فِيهِ مَا لم يظْهر فِي التَّوْحِيد الْكثير وَأَيْضًا فان الْمحل الصافي جدا يظْهر لصَاحبه مِمَّا يدنسه مَالا يظْهر فِي الْمحل الَّذِي لم يبلغ فِي الصفاء مبلغه فيتداركه بالإزالة دون هَذَا فَإِنَّهُ لَا يشْعر بِهِ وَأَيْضًا فَإِن قُوَّة الْإِيمَان والتوحيد إِذا كَانَت قَوِيَّة جدا أحالت الْموَاد الرَّديئَة وقهرتها بِخِلَاف الْقُوَّة الضعيفة وَأَيْضًا فَإِن صَاحب المحاسن الْكَثِيرَة والغامرة للسيئات ليسامح بِمَا لَا يسامح بِهِ من أَتَى مثل تِلْكَ السَّيِّئَات وَلَيْسَت لَهُ مثل تِلْكَ المحاسن كَمَا قيل
وَإِذا الحبيب أَتَى بذنب وَاحِد ... جَاءَت محاسنه بِأَلف شَفِيع
وَأَيْضًا فَإِن صدق الطّلب وَقُوَّة الْإِرَادَة وَكَمَال الانقياد يحِيل تِلْكَ الْعَوَارِض والغواشي الغريبة إِلَى مُقْتَضَاهُ وموجبه كَمَا أَن الْكَذِب وَفَسَاد الْقَصْد وَضعف الانقياد يحِيل الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال الممدوحة إِلَى مُقْتَضَاهُ وموجبه كَمَا يُشَاهد ذَلِك فِي الأخلاط الْغَالِبَة وإحالتها لصالح الأغذية إِلَى طبعها

اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf
منقوله من

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=28144