حَال تنَاولهَا مثمرة للألم بعد
انْقِضَائِهَا فَإِذا اشتدّت الداعية مِنْك إِلَيْهَا ففكر فِي انقطاعها وَبَقَاء قبحها وألمها ثمَّ وازن بَين الْأَمريْنِ
وَانْظُر مَا بَينهمَا من التَّفَاوُت والتعب بِالطَّاعَةِ ممزوج بالْحسنِ مثمر للذة والراحة فَإِذا ثقلت على النَّفس ففكر فِي انْقِطَاع تعبها وَبَقَاء حسنها ولذتها وسرورها ووازن بَين الْأَمريْنِ وآثر الرَّاجِح على الْمَرْجُوح فَإِن تألّمت بِالسَّبَبِ فَانْظُر إِلَى مَا فِي الْمُسَبّب من الفرحة وَالسُّرُور واللذة يهن عَلَيْك مقاساته وَإِن تألمت بترك اللَّذَّة الْمُحرمَة فَانْظُر إِلَى الْأَلَم الَّذِي يعقبه ووازن بَين الألمين وخاصيّة الْعقل تَحْصِيل أعظم المنفعتين بتفويت أدناهما وَاحْتِمَال أَصْغَر الألمين لدفع أعلاهما
وَهَذَا يحْتَاج إِلَى علم بالأسباب ومقتضياتها وَإِلَى عقل يخْتَار بِهِ الأولى وَإِلَّا نفع بِهِ لَهُ مِنْهَا فَمن وفّر قسمه من الْعقل وَالْعلم وَاخْتَارَ الْأَفْضَل وآثره وَمن نقص حَظه مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا اخْتَار خِلَافه وَمن فكّر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة علم أَنه لَا ينَال وَاحِدًا مِنْهُمَا إِلَّا بمشّقة فليتحمّل المشقّة لخيرهما وأبقاهما


اسم الكتاب:الفوائد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية 
الفن: كتب ابن القيم 
الناشر:دار الكتب العلمية - بيروت
عدد الأجزاء:1
للاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط:http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM3960.pdf