الثلاثاء، 18 يونيو 2013

قول القلب

ما هو قول القلب وما دليله؟

ج- أما قول القلب فمعناه يكون بتصديقه وإيقانه، قال تعالى (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون) وقوله (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين) وقال (إنما المؤمنون الذي آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) وقال (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية.

منقول من :
ما الذي ينبغي للإمام أن يبتدئ به نحو أمن البلاد؟ وإذا عدم الإمام فهل يؤخر الجهاد؟ وإذا حصلت لهم غنيمة فما الحكم؟

ج: ينبغي للإمام أن يبتدئ بترتيب قوم في أطراف البلاد يكفون من بإزائهم من المشركين، ويأمر بعمل حصونهم وحفر خنادقهم وجميع مصالحهم؛ لأن أهم الأمور الأمن، وهذا طريقه، ويؤمر في كل ناحية أميرًا يقلد أمر الحرب، وتدبير الجهاد ويكون الأمير ممن له رأي وعقل وخبرة بالحرب ومكايد العدو، مع أمانة ورفق بالمسلمين، ونصح لهم ليحصل المقصود من إقامته.
ويوصي الإمام الأمير إذا ولاه بتقوى الله في نفسه، وأن لا يحمل المسلمين على مهلكة، ولا يأمرهم بدخول مطمورة يخاف أن يقتلوا تحتها؛ لحديث بريدة السابق، فإن فعل بأن حملهم على مهلكة، أو أمرهم بدخول مطمورة، يخاف أن يقتلوا تحتها، فقد أساء ويستغفر الله، ولا دية عليه، ولا كفارة إذا أصيب أحد منهم بطاعته؛ لأنه فعل ذلك باختياره.
فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد، لئلا يستولي العدو على المسلمين، وتظهر كلمة الكفر؛ وإن حصلت غنيمة قسموها على موجب الشرع، كما يقسمها الإمام على ما يأتي في باب قسمة الغنيمة.
قال في «الإقناع»: قال القاضي: وتؤخر قسمة الغنيمة حتى يقوم إمام فيقسمها احتياطًا للفروج؛ فإن بعث الإمام جيشًا أو سرية وأمر عليهم أميرًا فقتل أو مات فللجيش أن يؤمروا أحدهم، كما فعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في جيش مؤنة، لما قتل أمراؤهم، أمروا عليهم خالد بن الوليد، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فرضي أمرهم وصوب رأيهم وسمى خالدًا يومئذ سيف الله؛
فإن لم يقبل أحد منهم أن يتأمر عليهم دفعوا عن أنفسهم؛ لقوله تعالى: { وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } ولا يقيمون في أرض العدو إلا مع أمير يقيمونه أو يبعثه الإمام إليهم.

منقول من :

قول اللسان

ما هو قول اللسان وما دليله؟

ج- هو النطق بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله والإقرار بلوازمهما، قال الله تعالى (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) وقال (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) وقال صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وقال لسفيان بن عبد الله قل آمنت بالله ثم استقم.

منقول من :

بعض أحكام الأسير

تكلم عما يلي:
إتلاف كتب الكفرة،
من أسر أسيرًا ماذا يلزمه، وماذا عليه إذا قتله؟
من أسر وادعى أنه مسلم،
قتل المسلم أباه في المعركة،
ما أقسام الأسرى؟
وما الذي يخير به الإمام فيهم وما الذي يجب على الإمام نحوهم،
إذا رأى المصلحة في خصلة؟ 
صفة قتل الأسير؟

ج: يجب إتلاف كتبهم المبدلة دفعًا لضررها، وقياسه كتب نحو رفض واعتزال، ومن أسر أسيرًا من الكفار، وقدر أن يأتي به الإمام ولو بإكرامه على المجيء بضرب، أو غيره وليس بمريض، حرم قتله قبل الإتيان به إلى الإمام، فيرى به رأيه؛ لأنه افتيات عليه؛ فإن لم يقدر على الإتيان به، لا يضرب ولا بغيره، أو كان مريضًا، أو جريحًا، لا يمكنه المشي معه، أو يخاف هربه أو يهرب منه، أو يخاف منه، أو يقاتله، فله قتله؛ لأن تركه ضرر على المسلمين وتقوية للكفار.
ويحرم قتل أسير غيره، قبل أن يأتي به الإمام، إلا أن يصير إلى حالة يجوز فيها قتله لمن أسره؛ فإن قتل أسيره، أو أسير غيره قبل ذلك، وكان رجلاً فقد أساء القاتل لافتياته على الإمام، ولا شيء عليه؛ لأن عبد الرحمن بن عوف أسر أمية بن خلف وابنه عليًا يوم بدر فرآهما بلال، فاستصرخ الأنصار عليهما حتى قتلوهما، ولم يغرموا شيئًا؛ ولأنه أتلف ما ليس بمال؛ فإن كان الأسير مملوكًا فعليه قيمته للمغنم.
والأسارى من الكفار على قسمين: قسم يكون رقيقًا بمجرد السبي، وهم النساء والصبيان؛ لأنهم مال لا ضرر في اقتنائه، فأشبهوا البهائم؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء والصبيان، رواه الجماعة إلا النسائي؛ ولحديث سبي هوازن، رواه أحمد والبخاري. وحديث عائشة في سبايا بني المصطلق. رواه أحمد.
والقسم الثاني: الرجال البالغون المقاتلون، والإمام مخير فيهم بين قتل ورق، ومنّ وفداء؛ أما القتل، فلقوله تعالى: { اقْتُلُوا المُشْرِكِينَ } ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل رجال بني قريظة، وهم بين الستمائة والسبعمائة، وقتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وفيه تقول أخته:
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «لو سمعته ما قتلته»، وقتل يوم أُحد أبا عزة الجمحي؛ وأما الاسترقاق، فلقول أبي هريرة: لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، سمعته يقول: «هم أشد أمتي على الدجال، وجاءت صدقاتهم»، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «هذه صدقات قومنا»، وكانت سبية منهم عند عائشة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل» متفق عليه؛ لأنه يجوز إقرارهم على كفرهم بالجزية، فبالرق أولى لأنه أبلغ الصغار؛ وأما المنَّ، فلقوله تعالى: { فَإِمَّا مَناًّ بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً } ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منَّ على أبي عزة الشاعر يوم بدر، وعلى أبي العاص بن الربيع، وعلى ثمامة بن أثال.
وأما الفداء بمسلم الآية؛ ولما روى عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلين من أصحابه برجل من المشركين من بني عقيل، رواه أحمد والترمذي وصححه.
وأما الفداء بمال فللآية؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فادى أهل بدر بالمال، فما فعله الأمير من هذه الأربعة تعين، ولم يكن لأحد نقضه، ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين؛ لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر، فلم يحز له ترك ما فيه الحظ، كولي اليتيم؛ لأن كل هذه الخصال قد تكون أصلح في بعض الأسرى؛ فإن منهم من له قوة ونكاية في المسلمين، فقتله أصلح، ومنهم الضعيف ذو المال الكثير، ففداؤه أصلح. ومنهم حسن الرأي في المسلمين يُرجى إسلامه، فالمن عليه أولى، ومن ينتفع بخدمته، ويؤمن شره، استرقاقه أصلح. فمتى رأى المصلحة في خصلة، لم يجز اختيار غيرها، ومتى رأى قتله ضرب عنقه بالسيف؛ لقوله تعالى: { فَضَرْبَ الرِّقَابِ } .

منقول من :

عمل الجوارح

ما المراد بعمل الجوارح وما دليله وما مثاله؟

ج- ما لا يؤدى إلا بها كالقيام والركوع والسجود والمشي في مرضاة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحج والجهاد في سبيل الله، وأما الدليل فقوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) (وقوموا لله قانتين) (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم) الآيتين وقال صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاه شهادة أن لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، وقال صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكراً فليغيره بيده إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على مذهب السلف.

منقول من :

حكم التمثيل ودليله

تكلم عن حكم ما يلي:
تحريم التمثيل ودليله،
إذا تردد رأي الإمام في الأسرى لن يكون المال المفدى به والمسترق منهم؟
إذا سأل الأسارى من أهل الكتاب تخليتهم على إعطاء الجزية،
إذا كان على المسترق حق لمسلم: الصبيان، المجانين، من فيه نفع ممن لا يقتل كأعمى ونحوه، ماذا على قاتلهم؟ 
إذا أسلم الأسرى الأحرار المقاتلون؟ 
رد الأسير المسلم إلى الكفار.

ج: لا يجوز التمثيل ولا التعذيب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة: «ولا تعذبوا ولا تمثلوا»، وإن تردد رأيه ونظره في الأسرى، فقتل أولى ومن استرق منهم أو فدى بمال، كان الرقيق، والمال للغانمين حكمه حكم الغنيمة.
وإن سأل الأسارى من أهل الكتاب، أو المجوس تخليتهم على إعطاء الجزية لم يجز ذلك في نسائهم وصبيانهم؛ لأنهم صاروا أرقاء بنفس السبي، ويجوز في الرجال، ولا تجب إجابتهم إليه لأنهم صاروا في يد المسلمين بغير أمان، ولا يجوز التخيير الثابت فيهم، بمجرد بذل المال قبل إجابتهم لعدم لزومها، ولا يبطل الاسترقاق حقًا لمسلم.
والصبيان والمجانين، من كتابي وغيره، والنساء ومن فيه نفع ممن لا يقتل كأعمى ونحوه. رقيق بنفس السبي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء والصبيان، رواه الجماعة إلا النسائي، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه، فأنكر قتل النساء والصبيان، متفق عليه، وكان يسترقهم إذا سباهم، ويضمنهم قاتلهم بعد السبي بالقيمة، وتكون غنيمة، ولا يضمنهم قاتلهم قبل السبي؛ لأنهم لم يصيروا مالاً.
وقن أهل الحرب غنيمة؛ لأنه مال كفار استولى عليه، فكان للغانمين كالبهيمة، وللأمير قتله لمصلحة كالمرتد، ويجوز استرقاق من تقبل منه الجزية، وهم أهل الكتاب والمجوس ويجوز استرقاق غير من تقبل منه الجزية، كعبدة الأوثان، وبني تغلب ونحوهم؛ لأنه كافر أصلي، أشبه أهل الكتاب، ولو كان عليه ولاء لمسلم أو ذمي.
وإذا أسلم الأحرار المقاتلون، تعين رقهم في الحال، وزال التخيير فيهم وصار حكمهم حكم النساء؛ لما ورد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ، قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» متفق عليه.
وهذا لفظ مسلم؛ ولأنه أسير يحرم قتله فيجوز استرقاقه، فصار رقيقًا كالمرأة، وقيل: يحرم القتل، ويخير فيهم الأمير بين رق، ومن، وفداء، صححه الموفق وجمع؛ لأنه إذا جاز ذلك في حال كفرهم، ففي حال إسلامهم أولى، ويحرم رد الأسير المسلم إلى الكفار، إلا أن يكون له من يمنعه من عشيرة ونحوها.

منقول من :

من أسلم قبل أسره

تكلم بوضوح عن من أسلم قبل أسره، وحكم مفاداته، ومن أين يفدي؟ ومن الذي ليس للإمام قتله ولا رقه؟ قبول الفداء ممن حكم بقتله أو رقه، المسبي إذا كان غير بالغ، إذا أسلم أو مات أحد أبوي غير بالغ، وبين حكم زوجة الحربي، إذا سبى أو سبيت معه، وبيع المسترق.

ج: من أسلم من الكفار قبل أسره لخوف أو غيره، فلا تخيير فيه، وهو
كمسلم أصلي؛ لأنه لم يحصل في أيدي الغانمين، ومتى صار لنا رقيقًا محكومًا بكفره من ذكر وأنثى وخنثى، وبالغ وصغير مميز دونه، حرم مفاداته بمال، وبيعه لكافر ذمي، وغير ذمي، ولم يصح بيعه لهم. قال أحمد: ليس لأهل الذمة أني شتري مما سبى المسلمون، قال: وكتب عمر بن الخطاب ينهي عنه أمراء الأمصار، هكذا حكى أهل الشام. اهـ.
وتجوز مفاداة المسترق منهم بمسلم الدعاء الحاجة، لتخليص المسلم منهم، ويفدي الأسير المسلم من بيت المال؛ لما روى سعيد بإسناده، عن حبان بن أبي جبلة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم، ويؤدوا عن غارمهم»؛ ولأنه موضوع لمصالح المسلمين، وهذا من أهمها، وإن تعذر فداؤه من بيت المال لمنع أو نحوه، فمن مال المسلمين، فهو فرض كفاية؛ لحديث: «أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني» وليس للإمام قتل من حكم حاكم برقه؛ لأن القتل أشد من الرق، وفيه إتلاف الغنيمة على الغانمين، ولا رق من حكم بقتله، ولا رق ولا قتل من حكم بفدائه وله المن على الثلاثة المذكورين، وله قبول الفداء ممن حكم هو أو غيره بقتله، أو رقه.
ومتى حكم إمام أو غيره برق أو فداء، ثم أسلم محكوم بحاله لا ينقض لوقوعه لازمًا، والمسبي غير بالغ منفردًا عن أبويه، أو مسبي مع أحد أبويه مسلم، إن سباه مسلم، تبعًا لحديث: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه» رواه مسلم، وقد انقطعت تبعيته لأبويه بانقطاعه عنهما أو عن أحدهما، أو إخراجه من دارهما إلى دار الإسلام.
والمسبي مع أبويه على دينهما للخبر، وملك السابي لا يمنعه تبعيته لأبويه في الدين، كما لو ولدته أمه الكافرة في ملكه من كافر، ومسبي ذمي، من أولاد الحريين، يتبع السابي في دينه حيث يتبع المسلم.
وإن أسلم أو مات، أو عدم أحد أبوي غير بالغ بدارنا، أو اشتبه ولد مسلم يولد كافر فمسلم كل منهما؛ لأن الإسلام يعلو ولا يقع خشية أن يصير ولد المسلم للكافر أو بلغ ولد الكافر مجنونًا ومسلم في حال بحكم فيه بإسلامه لو كان صغيرًا لموت أحد أبويه بدارنا وإسلامه لعدم قبوله التعود وإن بلغ عاقلاً ثم جن لم يتبع أحدهما لزوال حكم التبعية ببلوغه عاقلاً فلا يعود وإن بلغ من قلنا بإسلامه ممن تقدم عاقلاً ممسكًا عن إسلام، وكفر، قتل قاتله؛ لأنه مسلم حكمًا، وينفسخ نكاح زوجة حربي يسبي لها وحدها؛ لحديث أبي سعيد الخدري قال: أصبنا سبايا يوم أوطاس، ولهن أزواج في قومهن، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنزلت { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } رواه الترمذي وحسنه.
فإن كانت زوجة مسلم، أو ذمي، وسبيت لم ينفسخ نكاحها، ولا يفسخ نكاح زوجة حربي سبيت معه، ولو استرقا لأن الرق لا يمنع ابتداء النكاح، فلا يقطع استدامته، وسواء سباهما رجل واحد أو رجلان، وتحل مسبية وحدها لسابيها بعد استبرائها؛ فإن سبى الرجل وحده، لم ينفسخ نكاح زوجة له بدار حرب؛ لأنه لا نص فيه ولا قياس يقتضيه.
من النظم فيما يتعلق بالأسير

ولا تضمنن قتل الأسير وحرمن ... بلا أذن أن يتبع ولو سير مضهد
فإن لم يسر فاقتله إن كان قادرًا ... وفي العجز وجه مثل غنم مبدد
وفي جائز القتل المقر بجزية ... لسلطاننا ومن وفدية مفتد
أو القتل أو يفدي بهم أو يرقهم ... وما كان أنكى أو أحظ لنا اعمد
وتحكم استرقاقهم وفدائهم ... كحكمك في باقي الغنيمة تهتدي
ويختار غير القتل إن أسلموا ولا ... يحتم به استرقاقهم في الموطد
وإن أذعن الأسرى لإعطاء جزية ... يخير وجوزه لأهل وأعهد
ومن يهد منهم مطلقًا قبل أخذه ... فليس عليه علقة فليشرد
ومن يدعي إسلامه قبل أسره ... بشهد اقبل أو يمينا ومفرد
ويختار فيمن لم يقر بجزية ... سوى الرق في الأولى من أهل التعدد
ويحرم في قول مال فداؤهم ... كما لم يجز بيع السلام المعدد
ومع أبويه أن يسب طفل فكافر ... ومع واحد أو مفرد فهو مهتد
وعن أحمد إن يسب مع واحد يكن ... شقيًا عن دين الأب المتمرد
وإن يشا الزوجان بلغ عقدهم ... في الأولى والغي عقد ذات التفرد
ولو حكموا بالفسخ إن سبيا معًا ... لدى اثنين لا مع واحد لم يبعد
ولا يحرم التفريق بينهما بلا ... خلاف يبيع واقتسام المعدد
وبالسبي أثبت رق من ليس يقتلوا ... مع الشفع والخالي ولم يفد شرد
ولا يمنع استرقاقنا من يرق في ... القوى ولاء مستحق لمهتد
وحرم في الأولى بيع من رق مطلقًت ... لكفر، وعن بيع طفل وخرد
ويفدي بكل مسلم من وثاقه ... ويحرم بيع والفداء بمن هدى

منقول من :

الدعوة إلى الإسلام

تكلم بوضوح عن حكم الدعوة إلى الإسلام، واذكر ما تستحضره من الأدلة والخلاف والتفصيل والتعليل والترجيح.

ج: في المسألة أقوال: الأولى: إن الدعوة إلى الإسلام تجب، عن ابن عباس قال: ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا قط، إلا إذا دعاهم. رواه أحمد.
وعن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش، أمره بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيرًا، وقال: «إذا التقيت عدوك المشركين، فادعهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن هم أبوا فادعهم إلى إماطة الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم» رواه مسلم.
وعن فروة بن مسيك قال: قلت: يا رسول الله، أقاتل بمقبل قومي ومدبرهم، قال: «نعم»، فلما وليت دعاني، فقال: «لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام» رواه أحمد. وعن سهل بن سعد، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر، فقال: «أين علي؟» فقيل: إنه يشتكي عينيه، فأمر فدعى له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه، حتى كأن لم يكن به شيء، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: «على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهتدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم» متفق عليه.
وبهذا القول قال مالك: وإنه يجب تقديم دعاء الكفار إلى الإسلام من غير فرق بين من بلغته الدعوة، ومن لم تبلغه.
والقول الثاني: لا يجب مطلقًا لما ورد عن عوف قال: كتبت إلى نافع
أسأله عن الدعاء قبل القتال؟ فكتب إلي: إنما كان ذلك في أول الإسلام، وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق، وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرة ابنة الحارث، حدثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش. متفق عليه.
وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع، فدخل عبد الله بن عتيك بيته ليلاً فقتله وهو نائم. رواه أحمد والبخاري. والقول الثالث: أنه يجب لمن تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم لكن يستحب.
قال ابن المنذر: وهو قول جمهور أهل العلم، وهذا القول عندي أرجح؛ لأن الأحاديث الصحيحة قد تظاهرت بذلك، وبه يجمع بين الأدلة. والله أعلم.
ويحرم القتال قبل الدعوة لمن لم تبلغه الدعوة؛ لحديث بريدة، وتقدم أول الجواب، وقيد ابن القيم وجوبها لمن لم تبلغه واستحبابها لمن بلغته بما إذا قصدهم المسلمون؛ أما إذا كان الكفار قاصدين للمسلمين بالقتال فللمسلمين قتالهم من غير دعوة دفعًا عن نفوسهم وحريمهم.
وأمر الجهاد موكول إلى الإمام، واجتهاده لأنه أعرف بحال الناس، وبحال العدو نكايتهم وقربهم وبعدهم، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك لقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } ، وقوله: { إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ } .

منقول من :

فرار المسلمين من الكفار

تكلم عن فرار المسلمين من الكفار، وماذا يصنع من ألقي في مركبهم نار؟

ج: لا يحل لمسلم أن يهرب من كافرين، ويحرم فرار جماعة من مثليهم؛ لقوله تعالى: { الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ } وهذا أمر بلفظ الخبر؛ لأنه لو كان خبرًا بمعناه لم يكن تخفيفًا، ولوقع الخبر بخلاف المخبر، والأمر يقتضي الوجوب.
وقال ابن عباس: من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة فما فر، ويلزمهم الثبات إن ظنوا التلف؛ لقوله تعالى: { إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ } ولأنه - صلى الله عليه وسلم - عد الفرار من الكبائر، ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «اجتنبوا السبع الموبقات»، قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات».
ومن قصد بفراره التحيز إلى فئة، أو التحرف للقتال أبيح له؛ لأن الله تعالى قال: { إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ } ينضم إليهم ليقاتل.
ومعنى التحرف للقتال أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن.
مثل أن يكون في موضع ضيق، فينحاز إلى سعة، أو من معطشة إلى ماء، أو من نزول إلى علو، أو من استقبال شمس أو ريح إلى استدبارها، أو يفر بين أيديهم لتنتقض صفوفهم، أو تنفرد خيلهم من رجالتهم، أو ليجد فيهم فرصة أو ليستند إلى جبل، ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب.
وقد روي عن عمر أنه كان يومًا في خطبته إذ قال: يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم الذئب من استرعاه لغنم، فأنكرها الناس، فقال علي - رضي الله عنه - : دعوه، فلما نزل سألوه عما قال لهم، فلم يعترف به، وكان بعث إلى ناحية العراق جيشًا لغزوهم، فلما قدم ذلك الجيش أخبروا أنهم لقوا عدوهم يوم الجمعة، فظفر عليهم، فسمعوا صوت عمر فتحيزوا إلى الجبل، فنجوا من عدوهم وانتصروا عليهم.
وسواء قربت الفئة أو بعدت؛ لما روى ابن عمر أنه كان في سرية من سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاص المسلمون حيصة عظيمة وكنت فيمن حاص، فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف، وبؤنا بغضب من الله، فجلسنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل صلاة الفجر، فلما خرج قمنا، فقلنا له: نحن الفرارون، فقال: «لا، بل أنتم العكارون، أنا فئة كل مسلم» أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن.
و عن عمر أنه قال: أنا فئة كل مسلم، وقال: لو أن أبا عبيدة تحيز إليّ لكنت له فئة، وكان أبو عبيدة بالعراق، وإن زادوا على مثليهم فلهم الفرار.
قال ابن عباس: لما نزلت: { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ } وشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف، فقال: { الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ } الآية، فلما خفف عنهم من العدد، نقص من الصبر بقدر ما خفف من القدر، رواه أبو داود.
وإذا خشي الأسر فالأولى أن يقاتل حتى يقتل ولا يسلم نفسه للأسر؛ لأنه يفوز بالثواب والدرجة الرفيعة ويسلم من تحكم الكفار عليه بالتعذيب والاستخدام والفتنة.
فإن استأسر جاز؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عشرة عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فنفرت إليهم هذيل بقريب من مائة رجل رام، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، فقالوا لهم: أنزلوا فأعطونا أيديكم ولكم العهد والميثاق، أن لا نقتل منكم أحدًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة مشرك فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصمًا مع سبعة معه، ونزل إليهم ثلاثة على العهد والميثاق منهم: خبيب وزيد بن الدثنة، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم، فربطوهم بها. متفق عليه. فعاصم أخذ بالعزيمة، وخبيب وزيد أخذا بالرخصة، وكلهم محمود غير مذموم ولا ملوم.
والفرار أولى من الثبات إن ظنوا التلف بتركه، وإن ظنوا الظفر، فالثبات أولى من الفرار، بل يستحب الثبات لإعلاء كلمة الله، ولم يجب لأنهم لا يأمنون العطب، كما لو ظنوا الهلاك في الفرار والثبات، فيستحب الثبات، وأن يقاتلوا ولا يستأسروا؛ فإن جاء العدو بلدًا فلأهله التحصن معهم.
وإن كانوا أكثر من نصفهم ليلحقهم مدد أو قوة، ولا يكون ذلك توليًا ولا فرارًا؛ إنما التولي بعد اللقاء، وإن لقوهم خارج الحصن، فلهم التحيز إلى الحصن ليلحقهم مدد وقوة؛ لأنه بمنزلة التحرف للقتال، أو التحرف لفئة، وإن غزوا فذهبت دوابهم لشروط أو قتل، فليس ذلك عذرًا في الفرار، إذ القتال ممكن بدونها، وإن فروا قبل إحراز الغنيمة، فلا شيء لهم إن أحرزها غيرهم.
وإن قالوا أنهم فروا متحرفين للقتال فلا شيء لهم أيضًا؛ لأنهم لم يشهدوا الواقعة حال تقضي الحرب والاعتبار به، وإن ألقي في مركبهم نار، فاشتعلت فعلوا ما يرون فيه السلام؛ لأن حفظ الروح واجب، وغلبة الظن كاليقين في أكثر الأحكام، فهنا كذلك من المقام أو الوقوع في الماء ليتخلصوا من النار؛ فإن شكوا أو تيقنوا التلف فيهما، أو ظنوا السلامة فيهما ظنًا متساويًا خيروا.
من نظم الفرائد مما يتعلق بالجهاد

وإن جهاد الكفر فرض كفاية ... ويفضل بعد الفرض كل تعبد
لأن به تحصين ملة أحمد ... وفضل عموم النفع فوق المقيد
فلله من قد باع لله نفسه ... وجود الفتى في النفس أقصى للتجود
ومن يغز إن يسلم فأجر ومغنم ... وإن يرد يظفر بالنعيم المخلد
وما محسن يبقي إذا مات رجعة ... سوى الشهدا كي يجهدوا في التزيد
لفضل الذي أعطوا ونالوا من الرضى ... يفوق الأماني في النعيم المسرمد
كفى أنهم أحيا لدى الله روحهم ... تروح بجنات النعيم وتغتدي
وغدوة غاز أو رواح مجاهد ... لخير من الدنيا بقول محمد
يكفر عن مستشهد البر ما عدا ... حقوق الورى والكل في البحر فاجهد
وقد سُئل المختار عن حر قتلهم ... فقال يراه مثل قرصة مفرد
كلوم غزاة الله ألوان نزفها ... دم وكمسك عرفها فاح في غد
ولم يجتمع في منخر المرء يا فتى ... غبار جهاد مع دخان لظى اشهد
كمن صام لم يفطر وقام فلم يرم ... جهاد الفتى في الفضل عند التعدد
لشتان ما بين الضجيع بفرشه ... وساهر طرف ليلة تحت أجرد
يدافع عن أهل الهدى وحريمهم ... وأموالهم النفس والمال واليد
ومن قاتل الأعدا لإعلاء ديننا ... فذا في سبيل الله لا غير، قيد
ويفضل غزو البحر غزو مفاوز ... ومع فاجر يحتاط فاغزو كأرشد
على الذكر الحر المكلف فرضه ... صحيحًا بالآت وزاد لبعد
بأمواله أو بيت مال وحاجة العيال ... إلى عود وإيفاء ملدد
وأدنى وجوب الغزو في العام مرة ... وإن يدع للتأخير عذر ليمهد
وعين على المستنفرين وحضرة الصـ ... ـفوف ومحصور بثغر ممدد
ولو قيل بالتعيين في حق حاضر ... الحصون من الإسلام لما أبعد
وعمن تعين قيمًا لعياله ... وأمواله حتم النفير ليبعد
على كل قوم غزو جيرانهم من ... العدو وإمداد الضعاف بمسعد
ويحسن تشييع الغزاة لراجل ... وحل بلا كره تلقيهم اشهد
وأهل الكتاب والمجوس إن تشا اغزهم ... بغير دعاء إن بإبلاغهم بدي
ويغزون حتى يسلموا أو يسلموا ... صغارًا إلينا جزية الذل عن يد
وغير أولى فليدع قبل قتاله ... إلى أشرف الأديان دين محمد
وعرفه بالبرهان حتم اتباعه ... ولا تقبلن منه سواه بأوطد
وإن رباط المرء أجر معظم ... ملازم ثغر للقا بالتعدد
ويجري على ميت به أجر فعله ... كحي ويؤمن بافتنان بملحد
ولا حد في أدناه بل أربعون في التمام ... ويعطي أجر كل مزيد
وأفضله ما كان أخوف مركزًا ... وأقرب من أرض العدو المنكد
وذلك أسنى من مقام بمكة ... وفي مكة فضل الصلاة فزيد
ومن لم يطق في أرض كل ضلالة ... قيامًا وإظهارًا لدين محمد
فحتم عليه هجرة مع أمنة ... الهلاك ولو فردًا وذات تعدد
بلا محرم مشيًا ولو بعد المدى ... لفعل الصحابيات مع كل مهتد
ويشرع مع إمكان إظهار دينه ... وأحكامها حتى اليامة أبد
ويعذر ذو عجز لضعف وسقم أو ... مخافة فساق وفقد تزود
وعن نفله اصدد وذأب مسلم أو ... والأميمة مع حراته في مبعد
كذا امنع مد ينادون رهن وكافل ... الوفاء وكاف في وفاء المعدد
بلا إذن كل إثم إن يهد والد ... ويرجع ذو إذن ولم يجب اردد
ولا طاعة في ترك فرض ومن طرا ... به العذر فليرجع بغير تقيد
ولا إذن في فرض كجد وجدة ... ولا زوجة إلا الذين كبعّد
وإن قياس الحكم إيجابه على النسا ... في حضور الصف دفعًا وأبعد
ومن يستنب في الغزو يمنع غزوه ... له وبأجر إن يكن فليردد
ومن مثلي الإسلام حرم فرارهم ... لغير صلاح الحرب أو نحن مسعد
ولو شاسع المثوى ولو شرطوا استوا ... سلاح ومركوبيهما لم أبعد
وأولى لمن يخشى الأسارى قتالهم ... إلى القتل، واستسلامه احلل بأوكد
وإن يزد الكفار مع ظن قهرهم ... فندب ثبوت الناس واحتم بمبعد
والأولى إذا ظنوا الهلاك بمكثهم ... فرارًا وجوز عكس كل لقصد
وليس فرارًا مدخل الحصن مطلقًا ... ومن قبل حوز الغنم من فر فاصدد
وإن تلق نار في سفينتهم أتوا ... الأهم وإن شاءوا أقاموا بأوكد

منقول من :

تبييت الكفار

تكلم عما يلي: 
تبييت الكفار،
عقر دابة، 
إحراق شجر وزرع وقطع، 
رميهم بالنار، 
فتح الماء عليهم، 
هدم عامرهم، 
أخذ شهد، 
إحراق نخل.

ج: يجوز تبييت الكفار ليلاً وقتلهم وهو غارون، ولو قتل بلا قصد من يحرم قتله، كصبي وامرأة ومجنون وشيخ فان، إذا لم يقصدوا لحديث الصعب ابن جثامة الليثي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن ديار المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال: «هم منهم» متفق عليه. وقد قال سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر - رضي الله عنه - ، فغزونا ناسًا من المشركين فبيتناهم. رواه أبو داود.
ويجوز رميهم بالمنجنيق؛ لما ورد عن ثور بن يزيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف. أخرجه الترمذي هكذا مرسلاً.
وقد روى عن عمرو بن العاص، أنه نصب المنجنيق على الإسكندرية؛ ولأن القتال به معتاد، ويجوز رميهم بنار، وهدم حصونهم وقطع المياه عنهم، وقطع السالة عنهم، وفتح الماء ليغرقهم وإن تضمن ذلك إتلاف النساء والصبيان ونحوهم؛ لحديث مصعب بن جثامة في الباب، وهذا في معناه، ويجوز الإغارة على علافتهم ونحو ذلك، مما فيه إضعاف وإرهاب لهم.
ولا يجوز إحراق نخلهم، ولا تغريقه؛ لما روى مكحول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى أبا هريرة بأشياء، قال: «إذا غزوت فلا تحرق نخلاً ولا تغرقه»، وروى مالك أن أبا بكر قال ليزيد بن أبي سفيان ونحوه، ولأن قتله فساد، فيدخل في عموم قوله تعالى: { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ } الآية؛ ولأنه حيوان ذو روح فلم يجز إهلاكه، ليغيظهم كنسائهم وصبيانهم.
ويجوز أخذ العسل وأكله لأنه مباح، ويجوز أخذ شهده كله بحيث لا يترك للنحل شيئًا منه؛ لأن الشهد من الطعام المباح، وهلاك النحل بأخذ جميعه، يحصل ضمنًا غير مقصود، فأشبه قتل النساء والصبيان في البيات.

منقول من :

عمل القلب

ما هو عمل القلب وما دليله؟

ج- النية والإخلاص والمحبة والانقياد والإقبال على الله عز وجل والتوكل عليه والإنابة، ولوازم ذلك وتوابعه قال تعالى (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) وقال (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) وقال (إنما نطعمكم لوجه الله) (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة إنهم إلى ربهم راجعون) (والذين آمنوا أشد حباً لله) (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى) وقال النبي صلى الله عليه وسلم، "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". الحديث.

منقول من :

عفر الدابة

 بين أحكام بعض ما يلي: 
عفر الدابة، إتلاف شجر أو زرع، قتل صبي، وأنثى، وخنثى، وشيخ فان، وزمن، وأعمى، ونحوهم.

ج: لا يجوز عقر دوابهم ولو شاة، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الحيوان صبرًا، وقول الصديق ليزيد بن أبي سفيان في وصيته، ولا تعقرن شجرًا مثمرًا، ولا دابة عجماء، ولا شاة إلا لمأكلة.
ويجوز قتل ما يقاتلون عليه من دوابهم؛ لأن قتلها وسيلة إلى الظفر بهم؛ ولما روى حنظلة بن الراهب، عقر بأبي سفيان فرسه فسقط عنه، فجلس على صدره فجاء ابن شعوب، فقال:
لأْحمِينَّ صاحبِي ونفسي ... بطعنةٍ مِثْلَ شُعَاعِ الشمسِ

فقتل حنظلة واستنفذ أبا سفيان، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل حنظلة، ويجوز حرق شجرهم وزرعهم، وقطعة إذا دعت الحاجة إلى إتلافه؛ لقوله: { مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ } .
وروى ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطعه، وهي البويرة، فأنزل الله تعالى: { مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ } » متفق عليه. ولها يقول حسان:

وهمان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير

وعن أسامة بن زيد قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قرية يقال لها أبنى، فقال: «ائتها صباحًا ثم حرق الشجر والزرع، إذا كانوا يفعلون ذلك بنا لينتهوا وينزجروا»، وما تضرر المسلمون بقطعه من الشجر والزرع، لكونهم ينتفعون به في الاستظلال أو يأكلون من ثمره، أو ينتفعون ببقائه لعلوفتهم، أو تكون العادة لم تجر بيننا وبين عدونا بقطعه، حرم قطعه لما فيه من الإضرار بنا.
ولا يجوز قتل نسائهم وصبيانهم؛ لما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء والصبيان، متفق عليه. ولأنهما يصيرن رقيقين ومالا للمسلمين فقتلهما إتلاف لمال المسلمين؛ فإن قاتلوا جاز قتلهم بغير خلاف.
ولا يجوز قتل شيخ فان؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلاً، ولا امرأة» رواه أبو داود؛ ولأنه لا نكاية له في الحرب.
ولا يجوز قتل خنثى مشكل؛ لأنه يحتمل أن يكون امرأة، فلا يجوز قتله مع الشك، ولا يجوز قتل زمن، وأعمى وراهب؛ لما روي عن أبي بكر
الصديق، أنه أوصى يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام، فقال: «لا تقتلوا الولدان، ولا النساء، ولا الشيوخ، وستجدون قومًا حبسوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما حبسوا له أنفسهم».
ولا يقتل عبد؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أدركوا خالدًا فمروه أن لا يقتل ذرية ولا عسيفًا –وهم العبيد-» ولأنهم يصيرون رقيقًا للمسلمين بنفس السبي، أشبهوا النساء والصبيان.
ومن قاتل ممن ذكر جاز قتله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن سلمة، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة مقتولة يوم الخندق، فقال: «من قتل هذه؟» قال رجل: أنا يا رسول الله، قال: «ولِمَ؟» قال: نازعتني قائم سيفي، قال: فسكت؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على امرأة مقتولة، فقال: «يا لها قتلت، وهي لا تقاتل؟» ففيه دليل على أنه إنما نهى عن قتل المرأة، إذا لم تقاتل.
وكذلك من كان ذا رأي يعين به في الحرب، يجوز قتله لأن دريد بن الصمة كان شيخًا كبيرًا وكان له رأي؛ فإنه أشار على هوازن يوم حنين ألا يخرجوا معهم الذراري، فخالفه مالك بن عوف فخرج بهم فهزموا، فقال دريد في ذلك:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى غد

وقتل، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتله، ولأن الرأي في الحرب أبلغ من القتال؛ لأنه هو الأصل، وعنه يصدر القتال؛ ولهذا قال المتنبي:

الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس مرة ... بلغت من العلياء كل مكان
ولربما طعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الفرسان

وقد جاء عن معاوية رضي الله عنه أنه قال لمروان والأسود: أمددتما عليًا بقيس بن سعد وبرأيه ومكايدته، فوالله لو أنكما أمددتماه بثمانية آلاف
مقاتل ما كان بأغيظ لي من ذلك، ويقتل المريض إذا كان ممن لو كان صحيحًا قاتل؛ كالإجهاز على الجريح؛ لأن في تركه حيًا ضررًا على المسلمين وتقوية للكفار، وإن كان مأيوسًا من برئه، فكزمن لعدم النكاية.
وأما الفلاح الذي لا يقاتل فينبغي أن لا يقتل؛ لما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب.
وقال الأوزاعي: لا يقتل الحراث إذا علم أنه ليس من المقاتلة.
وقال الشافعي: يقتل إلا أن يؤدي الجزية لدخوله في عموم المشركين، ومن أدلة القول الأول: أن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يقتلوهم حين فتحوا البلاد، ولأنهم لا يقاتلون أشبهوا الشيوخ والرهبان، قاله في الشرح، وإن تترس بمن لا يقتل جاز رميهم، ويقصد المقاتلة؛ لأن المنع من رميهم يفضي إلى تعطيل الجهاد، ووسيلة إلى الظفر بالمسلمين.
وإن تترسوا بمسلمين لم يجز رميهم؛ لأنه يؤول إلى قتل المسلمين، مع أن لهم مندوحة عنه، إلا أن خيف علينا بترك رميهم فيرمون للضرورة، ويقصد الكفار بالرمي دون المسلمين؛ لأنهم المقصودون بالذات، فلو لم يخف على المسلمين، لكن لا يقدر عليهم إلا لرمي، لم يجز رميهم؛ لقوله تعالى: { وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ } الآية، قال الليث: ترك فتح حصن يقدر على فتحه، أفضل من قتل مسلم بغير حق.
في تبييت الكفار من النظم

وتبييتهم مع رميهم بمجانق ... وقطع المياه افعل وهدم المشيد
ويحرم تغريق لنحل وحرة ... وخذ عسلاً للأكل وافهم بأبعد
وعقرك عجماء القتال أجزه في ... القتال كمعي جوزه في المجود
وعقرك ذي احظر لا اضطرار لأكلها ... وكالطير أنعام فكله بأجود
وما حل من ذبح لأكل فجلده ... حلال وفي مال الغنيمة فاردد
وتغريقهم والرمي بالنار جائز ... إذا امتنعوا إلا به أو بنا ابتد
وفيه بلا الشرطين قولان هكذا ... لإتلاف أشجار وزرعهم اشهد
ويحرم إما ضرنا بتلافة ... وإن ضرنا بالمكث فاتلفه ترشد
وحضر بلا خلف ولو جاز حرقهم ... بكره وقد حزناهم لم أبعد
ولا تقتلن صبيانهم ونسائهم ... وزمنًا وعميانًا وراهب معبد
وشيخهم الفاني إذا لم يقاتلوا ... ولم يك ذا رأي كخنثى مؤصد
ولا العبد المأيوس سقمًا وحادثًا ... ومسعدهم حتى بشتم ليقدد
وما قتل فلاحيهم وعبيدهم ... لنجدتهم والخوف منهم بمبعد
وإن جعلوهم جنة فارم ناويًا ... مقاتلة منهم بقلبك واقصد
وإن ترسوا بالمسلمين وخفتهم ... علينا ارمهم قصدًا وإلا بمبعد

منقول من :

الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية

ما الدليل على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؟

ج- قوله تعالى (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً) (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً) (ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم) وحديث الإيمان بضع وسبعون شعبة الخ. وقوله صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال برة أو خردلة أو ذرة من إيمان.

منقول من :

التفريق بين ذوي رحم محرم

بين أحكام ما يلي:
التفريق بين ذوي رحم محرم، من اشترى عددًا من الأسرى في عقد يظن أن بينهم أخوة أو نحوهما فتبين عدمها،
ماذا يلزم الإمام إذا حضر حصنًا؟
ماذا يحرز من أسلم من أهل الحصن؟ 
إذا قال أهل الحصن: ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم؟

ج: لا يفرق بين ذوي رحم محرم؛ لحديث: «من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة»، قال الترمذي: حسن غريب. وعن علي قال: وهب لي النبي - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «ما فعل غلامك؟» فأخبرته، فقال: «رده رده» رواه الترمذي، وقال: حسن غريب؛ ولأن تحريم التفريق بين الوالدين لما بينهما من الرحم المحرم، فقيس عليه التفريق بين كل ذي رحم محرم، إلا بعتق، فيجوز أن يعتق أحدهما دون الآخر.
وكذا لا يحرم التفريق بافتداء الأسرى، كافتداء أسير مسلم بكافر، من ذوي رحم محرم لتخليص المسلم من الأسر، وكذا يجوز في بيع فيما إذا ملك أختين ونحوهما على ما يأتي في كتاب النكاح؛ فإنه إذا وطئ أحدهما لم يجز له وطء الأخرى حتى يحرم الموطوءة.
ولو باع الإمام أو غيره السبايا على أن بينهم نسبًا يمنع التفريق، ثم بان عدمه، فللبائع الفسخ، ومن اشترى منهم عددًا في عقد يظن أن بينهم أخوة أو نحوهما فتبين عدمها رد إلى المقسم الفضل الذي فيه بالتفريق، لبيان انتفاء مانعه، وإذا حضر إمام أو غيره حصنًا لزمه فعل الأصلح في نظره، واجتهاده، من مصابرته ومن موادعته بمال، ومن هدنة بلا مال بشرطها.
وتجب الموادعة بمال والهدنة بغيره إن سألوهما، وثم مصلحة لحصول الغرض من إعلاء كلمة الإسلام وصغار الكفرة، وله الانصراف بدونه إن رآه لضرر أو إياس منه.
وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئًا، فقال: «إنا قافلون إن شاء الله غدًا»، فقال المسلمون: أنرجع ولم نفتحه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «اغدوا على القتال»، فغدوا عليه، فأصابهم جراح؛ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنا قافلون غدًا»، فأعجبهم، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . متفق عليه.
وإن قال أهل الحصن للمسلمين: ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم عندنا، وجب رحيلهم لئلا يلقوا بأسر المسلمين للهلاك، ويحرز من أسلم من أهل الحصن قبل استيلائنا عليه، دمه وماله حيث كان في الحصن أو خارجه؛ لما ورد عن أنس - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك، حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» رواه أصحاب السنن.
ويحرز من أسلم منهم أولاده الصغار، وحمل امرأته للحكم بإسلامهم تبعًا له، ولا يحرز امرأته إذا لم تسلم؛ لأنها لا تتبعه في الإسلام؛ فإن سبيت صارت رقيقة كغيرها من النساء، ولا ينفسخ نكاحه برقها ويتوقف بقاء النكاح على إسلامها في العدة، وإن دخل كافر دار الإسلام وله أولاد صغار في دار الحرب، صاروا مسلمين تبعًا له، ولم يجز سبيهم لعصمتهم في الإسلام.

منقول من :

عمل اللسان

ما هو عمل اللسان وما دليله وما مثاله؟

ج- ما لا يؤدى إلا به كتلاوة القرآن وسائر الأذكار من التسبيح والتهليل والتكبير والدعاء والاستغفار وغير ذلك، قال تعالى (إن الذين يتلون كتاب) (واتل ما أوحي إليك من الكتاب) (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً) (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) وقال (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً) وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وقال صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن.

منقول من :

إذا نزل أهل الحصن على حكم مسلم

تكلم بوضوح عما يلي: إذا نزل أهل الحصن على حكم مسلم، إذا أسلم من حكم بقتله أو سببه، إذا سألوا أن ينزلهم على حكم الله، إذاكان به من لا جزية عليه فبذلها لعقد الذمة، إذا خرج عبد إلينا بأمان أو نزل من حصن، إذا جاءنا عبد مسلمًا وأسر سيده أو أسر غيره من الحربيين، إذا أقام عبد بدار الحرب، إذا هرب قن إلى العدو ثم جاء بمال، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

ج: إذا نزل أهل الحصن على حكم رجل مسلم حر مكلف عدل، مجتهد في الجهاد، جاز؛ لما ورد عن أبي سعيد، أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد ابن معاذ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد فأتاه على حمار، فلما دنا قريبًا من المسجد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «قوموا إلى سيدكم أو خيركم» فقعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: «فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، ونسبي ذراريهم»، فقال: لقد حكمت بما حكم به الملك، وفي لفظ: قضيت بحكم الله عز وجل. متفق عليه.
ويلزم المنزول على حكمه الحكم بالأحظ لنا، من قتل أور ق، أو من، أو فداء. ويلزم حكمه حتى بمن عليهم كالإمام، وإن أسلم –من حكم ممن نزلوا على حكمه- بقتله، أو سبيه، عصم دمه دون ماله وذريته؛ لأنهما صارا بالحكم بقتله ملكًا للمسلمين، فلا يعودان إليه بإسلامه، وأما دمه فأحرزه بإسلامه، ولا يسترق؛ لأنه أسلم قبله.
وإن سأل أهل الحصن الأمير أن ينزلهم على حكم الله تعالى، لزمه أن ينزلهم ويخير فيهم كالأسرى؛ لأن ذلك هو الحكم بحسب اجتهاده لهم، لكن في حديث بريدة الذي أخرجه أحمد ومسلم مرفوعًا: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله؛ ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» أجيب عنه لاحتمال نزول وحي بما يخالف ما حكم به، وقد أمن ذلك بموته - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل: يكره له ذلك، وقيل: لا ينزلهم لأنه كإنزالهم على حكمنا ولم يرضوا به، ولو كان بالحصن من لا جزية عليه فبذلها لعقد الذمة، عقدت له الذمة بمعنى الأمان مجانًا، وحرم رقه لتأمينه، وإن لم يجب به ماله، ولو خرج عبد إلينا بأمان، أو نزل عبد من حصن إلينا بأمان فهو حر؛ لما روى الشعبي عن رجل من ثقيف قال: سألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرد علينا أبا بكرة، وكان عبدًا لنا، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محاصر ثقيفًا فأسلم، فأبى أن يرده علينا، وقال: هو طليق الله، ثم طليق رسول الله، فلم يرده علينا؛ ولو جاءنا عبد مسلمًا وأسر سيده الحربي، أو أسر غيره من الحربيين فهو حر. والكل مما جاء، من سيده أو غيره له.
وإن أقام عبد أسلم بدار حرب فهو رقيق، ولو جاء مولاه مسلمًا بعده، لم يرد إليه لسبق الحكم بحريته حين جاء إلينا مسلمًا، ولو جاء مولاه قبله مسلمًا، ثم جاء هو مسلمًا فهو له، وليس لقن غنيمة لأنه مال، فلا يملك المال، فلو هرب القن إلى العدو، ثم جاء منه بمال فهو لسيده، والمال الذي جاء به لنا فيئًا، وكره نقل رأس كافر من بلد إلى بلد، ورميه بمنجنيق بلا مصلحة؛ لما روى عقبة بن عامر أنه قدم على أبي بكر الصديق برأس بنان البطريق فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول الله، فإنهم يفعلون ذلك بنا، قال: فأذن بفارس والروم، لا يحمل إلى رأس، إنما يكفي الكتاب والخبر.
قال الشيخ تقي الدين: وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد، ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها؛ فأما إن كان في التمثيل السائغ دعاء لهم إلى الإيمان، وزجرًا لهم عن العدوان؛ فإنه من إقامة الحدود والجهاد المشروع، ولم تكن القصة في أحد كذلك، فلهذا كان الصبر أفضل.

منقول من :