الأحد، 9 يونيو 2013
تَنْبِيهٌ >لِيَكُنْ مَحَطُّ نَظَرِ الْمُفَسِّرِ مُرَاعَاةَ نَظْمِ الْكَلَامِ
مُرَاعَاةَ نَظْمِ الْكَلَامِ الَّذِي سِيقَ لَهُ وَإِنْ خَالَفَ أَصْلَ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ لِثُبُوتِ التَّجَوُّزِ وَلِهَذَا تَرَى صَاحِبَ الْكَشَّافِ يَجْعَلُ الَّذِي سِيقَ لَهُ الْكَلَامُ مُعْتَمَدًا حَتَّى كَأَنَّ غيره مطروحالنوع الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: مَعْرِفَةُ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نقص أو تغييرحركة أَوْ إِثْبَاتِ لَفْظٍ بَدَلَ آخَرَ
وَذَلِكَ مُتَوَاتِرٌ وَآحَادٌ وَيُوجَدُ هَذَا الْوَجْهُ مِنْ عِلْمِ الْقِرَاءَةِ وَأَحْسَنُ الْمَوْضُوعِ لِلْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ كِتَابُ التَّيْسِيرِ لِأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَقَدْ نَظَمَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ الشَّاطِبِيُّ فِي لَامِيَّتِهِ الَّتِي عَمَّ النَّفْعُ بِهَا وَكِتَابُ الْإِقْنَاعِ لِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْبَاذِشِ وَفِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ كِتَابُ الْمِصْبَاحِ لِأَبِي الْكَرَمِ الشَّهْرُزُورِيِّ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالْقِرَاءَاتِ حَقِيقَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ فَالْقُرْآنُ هُوَ الْوَحْيُ الْمُنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبَيَانِ وَالْإِعْجَازِ وَالْقِرَاءَاتُ هِيَ اخْتِلَافُ أَلْفَاظِ الْوَحْيِ الْمَذْكُورِ فِي كَتَبَةِ الْحُرُوفِ أَوْ كَيْفِيِّتِهَا مِنْ تَخْفِيفٍ وَتَثْقِيلٍ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ هَاهُنَا أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ بَلْ مَشْهُورَةٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ المبرد قراءة حمزة
{والأرحام} و {مصرخي} وَلَا بِإِنْكَارِ مَغَارِبَةِ النُّحَاةِ
كَابْنِ عُصْفُورٍ قِرَاءَةَ ابْنِ عَامِرٍ {قَتْلُ أَوْلَادَهُمْ شركائهم} وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ أَمَّا تَوَاتُرُهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ إِسْنَادَ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ بِهَذِهِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ وَهِيَ نَقْلُ الْوَاحِدِ عَنِ الْوَاحِدِ لَمْ تُكْمِلْ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ فِي اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَالْوَاسِطَةِ وَهَذَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِهِمْ وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِهِ الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
الثَّانِي: اسْتَثْنَى الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَنَا إِنَّ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَ مُتَوَاتِرَةٌ مَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْأَدَاءِ وَمَثَّلَهُ بِالْمَدِّ وَالْإِمَالَةِ وَتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ يَعْنِي فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُتَوَاتِرَةً وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَدَّ وَالْإِمَالَةَ لَا شَكَّ فِي تَوَاتُرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمَدُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَدٌّ وَالْإِمَالَةُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا إِمَالَةٌ وَلَكِنِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي تَقْدِيرِ الْمَدِّ فَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ طَوِيلًا وَمِنْهُمْ مَنْ رَآهُ قَصِيرًا وَمِنْهُمْ مَنْ بَالَغَ فِي الْقَصْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَزَايَدَ فَحَمْزَةُ وَوَرْشٌ بِمِقْدَارِ سِتِّ لُغَاتٍ وَقِيلَ خَمْسٌ وَقِيلَ أَرْبَعٌ وَعَنْ عَاصِمٍ ثَلَاثٌ وَعَنِ الْكِسَائِيِّ أَلِفَانِ وَنِصْفٌ وَقَالُونَ أَلِفَانِ وَالسُّوسِيِّ أَلِفٌ وَنِصْفٌ
قَالَ الدَّانِيُّ في التيسير أطوالهم مَدًّا فِي الضَّرْبَيْنِ جَمِيعًا يَعْنِي الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْفَصِلَ وَرْشٌ وَحَمْزَةُ وَدُونَهُمَا عَاصِمٌ وَدُونَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ وَدُونَهُمَا أَبُو عَمْرٍو مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَالُونُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَشِيطٍ بِخِلَافٍ عَنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مِقْدَارِ مَذَاهِبِهِمْ مِنَ التحقيق والحذف انْتَهَى كَلَامُهُ
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ أَصْلَ الْمَدِّ مُتَوَاتِرٌ وَالِاخْتِلَافُ وَالطُّرُقُ إِنَّمَا هُوَ فِي كَيْفِيَّةِ التلفظ به
وكان الإمام أبو القاسم الشاطبي يَقْرَأُ بِمَدَّتَيْنِ طُولَى لِوَرْشٍ وَحَمْزَةَ وَوُسْطَى لِمَنْ بَقِيَ
وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ كره قرأة حَمْزَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ طُولِ الْمَدِّ وَغَيْرِهِ فَقَالَ لَا تُعْجِبُنِي وَلَوْ كَانَتْ مُتَوَاتِرَةً لَمَا كَرِهَهَا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقُرَّاءُ أَنَّ الْإِمَالَةَ قِسْمَانِ إِمَالَةٌ مَحْضَةٌ وَهِيَ أَنْ يُنْحَى بِالْأَلِفِ إِلَى الياء وتكون الياء أقرب بالفتحة إلى الكسر وَتَكُونُ الْكَسْرَةُ أَقْرَبَ وَإِمَالَةٌ تُسَمَّى بَيْنَ بَيْنَ وَهِيَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الْأَلِفَ وَالْفَتْحَةَ أَقْرَبُ وَهَذِهِ أَصْعَبُ الْإِمَالَتَيْنِ وَهِيَ الْمُخْتَارَةُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَلَا شَكَّ فِي تَوَاتُرِ الْإِمَالَةِ أَيْضًا وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمْ فِي كَيْفِيَّتِهَا مُبَالَغَةً وَحُضُورًا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق