قَالَ: الْوَاحِدِيُّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: هُوَ اسْمٌ لِكِتَابِ اللَّهِ يَعْنِي أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ غَيْرُ مُشْتَقٍّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَقَالَ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا ضَمَمْتُهُ إِلَيْهِ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِرَانِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ فِيهِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قِرَانٌ قَالَ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْقُرَانُ بِغَيْرِ هَمْزٍ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَرَائِنِ لِأَنَّ الْآيَاتِ مِنْهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيُشَابِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَهِيَ حِينَئِذٍ قَرَائِنُ
قَالَ الزَّجَّاجُ وَهَذَا الْقَوْلُ سَهْوٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَرْكَ الْهَمْزِ فِيهِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ وَنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْفَارِسِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَقَوْلُهُ: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} أَيْ جَمْعَهُ فِي قَلْبِكَ حِفْظًا، وَعَلَى لِسَانِكَ تِلَاوَةً وَفِي سَمْعِكَ فَهْمًا وَعِلْمًا وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ تُسْمَعُ قِرَاءَتُهُ الْمَخْلُوقَةُ وَيُفْهَمُ مِنْهَا كَلَامُ اللَّهِ الْقَدِيمُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} أيلَا تَفْهَمُوا وَلَا تَعْقِلُوا لِأَنَّ السَّمْعَ الطَّبِيعِيَّ يَحْصُلُ لِلسَّامِعِ شَاءَ أَوْ أَبَى
وَأَمَّا الْكَلَامُ فَمُشْتَقٌّ مِنَ التَّأْثِيرِ يُقَالُ كَلَمَهُ إِذَا أَثَّرَ فِيهِ بِالْجَرْحِ فَسُمِّيَ الْكَلَامُ كَلَامًا لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَائِدَةً لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ
وَأَمَّا النُّورُ فَلِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ غَوَامِضُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ هُدًى فَلِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً بَيِّنَةً إِلَى الْحَقِّ وَتَفْرِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَاطِلِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ ذِكْرًا فَلِمَا فِيهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالتَّحْذِيرِ وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَصْدَرُ ذَكَرْتُ ذِكْرًا وَالذِّكْرُ الشَّرَفُ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إليكم كتابا فيه ذكركم} أَيْ شَرَفُكُمْ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ تِبْيَانًا فَلِأَنَّهُ بَيَّنَ فِيهِ أَنْوَاعَ الْحَقِّ وَكَشَفَ أَدِلَّتَهُ
أَمَّا تَسْمِيَتُهُ بَلَاغًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِمْ حَالَ إِخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِبْلَاغِهِ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِهِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ مُبَيِّنًا فَلِأَنَّهُ أَبَانَ وفرق بين الحق والباطل
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَلِأَنَّهُ بَشَّرَ بِالْجَنَّةِ وَأَنْذَرَ مِنَ النَّارِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ عَزِيزًا أَيْ يُعْجِزُ وَيَعِزُّ عَلَى مَنْ يَرُومُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ فَيَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لئن اجتمعت الأنس والجن} الْآيَةَ
وَالْقَدِيمُ لَا يَكُونُ لَهُ مِثْلٌ إِنَّمَا المراد أن يأتوا بمثل هذا الإخبار وَالْقِرَاءَةِ بِالْوَضْعِ الْبَدِيعِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعَزِيزِ نَفْيُ الْمَهَانَةِ عَنْ قَارِئِهِ إِذَا عَمِلَ بِهِ
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ فُرْقَانًا فَلِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ وَبِهِ سُمِّيَ عمر بن الخطاب الفارق
اسم الكتاب: |
المستطرف في كل فن مستظرف |
المؤلف: |
شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي أبو الفتح |
الفن: |
الأدب والبلاغة |
عدد المجلدات: |
1 |
للاطلاع على الكتاب إليكم الرابط: |
http://elibrary.mediu.edu.my/books/DRM2622.pdf |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق