فصل: الواجب على من طاف غير طاهر
فصل: الواجب على من طاف غير طاهروإذا ظهر أن الطهارة ليست شرطا في الطواف فإما أن تكون واجبة وإما أن تكون سنة وهما قولان للسلف والخلف ولكن من يقول هي سنة من أصحاب أبي حنيفة يقول عليها دم وأحمد يقول: ليس عليها دم ولا غيره كما صرح به فيمن طاف جنبا هو ناس قال شيخنا فإذا طافت حائضا مع عدم العذر توجه القول بوجوب الدم عليها وأما مع العجز فهنا غايةص -29-…ما يقال عليها دم والأشبه انه لا يجب الدم لان الطهارة واجب يؤمر به مع القدرة لا مع العجز فإن لزوم الدم إنما يكون مع ترك المأمور أو مع فعل المحظور وهذه لم تترك مأمورا في هذه الحال ولا فعلت محظورا فإنها إذا رمت الجمرة وقصرت حل لها ما كان محظورا عليها بالإحرام عير النكاح فلم يبق بعد التحلل الأول محظور يجب بفعله دم وليست الطهارة مأمورا بها مع العجز فيجب بتركها دم.
فإن قيل لو كان طوافها مع الحيض ممكنا أمرت بطواف القدوم وطواف الوداع فلما سقط عنها طواف القدوم والوداع علم أن طوافها مع الحيض غير ممكن
قيل: لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم اسقط طواف القدوم عن الحائض وأمر عائشة لما قدمت وهي متمتعة فحاضت أن تدع أفعال العمرة وتحرم بالحج فعلم أن الطواف مع الحيض محظور لحرمة المسجد أو للطواف أو لها والمحظورات لا تباح إلا في حالة الضرورة ولا ضرورة بها إلى طواف القدوم لأنه سنة بمنزلة تحية المسجد ولا إلى طواف الوادع فإنه ليس من تمام الحج ولهذا لا يودع المقيم بمكة وإنما يودع المسافر عنها فيكون آخر عهده في البيت فهذان الطوافان أمر بهما القادر عليهما إما أمر إيجاب فيهما أو في إحداهما أو استحباب كما هي أقوال معروفة وليس واحد منهما ركنا يقف صحة الحج عليه بخلاف طواف الفرض فإنها مضطرة إليه وهذا كما يباح لها الدخول إلى المسجد واللبث فيه للضرورة ولا يباح لها الصلاة ولا الاعتكاف فيه وان كان منذورا ولو حاضت المعتكفة خرجت من المسجد إلى فنائه فأتمت اعتكافها ولم يبطل وهذا يدل على أن منع الحائض من الطواف كمنعها من الاعتكاف وإنما هو لحرمة المسجد لا لمنافاة الحيض لعبادة الطواف والاعتكاف ولما كان الاعتكاف يمكن أن يفعل في رحبة المسجد وفنائه جوز لها إتمامه فيها لحاجتها
ص -30-…والطواف لا يمكن إلا في المسجد وحاجتها في هذه الصورة إليه أعظم من حاجتها إلى الاعتكاف بل لعل حاجتها لى ذلك اعظم من حاجتها إلى دخول المسجد واللبث فيه لبرد أو مطر أو نحوه
وبالجملة فالكلام في هذه الحادثة في فصلين أحدهما في اقتضاء قواعد الشريعة لها لا لمنافاتها وقد تبين ذلك بما فيه كفاية والثاني في أن كلام الأئمة وفتاويهم في الاشتراط والوجوب إنما هو في حال القدرة والسعة لا في حال الضرورة والعجز فالإفتاء بها لا ينافي نص الشارع ولا قول الأئمة وغاية المفتى بها انه يقيد مطلق كلام الشارع بقواعد شريعته وأصولها ومطلق كلام الأئمة بقواعدهم وأصولهم فالمفتى بها موافق لأصول الشرع وقواعده ولقواعد الأئمة وبالله التوفيق
سم الكتاب: |
إعلام الموقعين عن رب العالمين |
اسم المؤلف: |
محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية 751هـ |
دراسة وتحقيق: |
طه عبد الرؤوف سعد |
القسم: |
اصول الفقه |
الناشر: |
مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، القاهرة 1388هـ/1968م |
عدد المجلدات: |
4 |
عدد الصفحات: |
1501 |
لاطلاع على الكتاب إاليكم الرابط: |
http://raqamiya.mediu.edu.my/BookRead.aspx?ID=312 |
منقول من
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=29267
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق