الاثنين، 17 يونيو 2013

ما هو السلب؟ ومن الذي يستحقه؟ ومتى يستحقه؟

ما هو السلب؟ ومن الذي يستحقه؟ ومتى يستحقه؟ وبأي شيء تقبل دعوى القاتل للسلب؟ وإذا كان القاتل صبيًا، أو امرأة، فما الحكم؟ وإذا قتله اثنان فما الحكم؟ وما الحكم فيما إذا أسره إنسان فقتله الإمام أو استحياه؟

ج: السلب بفتح السين واللام، ما على القتيل من ثياب وسلاح ودرع وحلي، وما معه من خيل ودابته التي قاتل عليها، وما كان بمنزلة الخيل، والدابة في وقتنا هذا، وآلات الركوب لأنها تابعة له، ويستعان بها في الحرب فأشبه السلاخ، ويدخل في ذلك التاج، والبيضة، والمنطقة، وأسورة، وران، وخف بما في ذلك من حية، وسيف، ورمح، ولت، وقوس، ونشاب؛ لأنه يُستعان به في حربه.
وإذا قتل مسلم كافرًا فله سلبه سواء قال الإمام: من قتل قتيلاً فله سلبه أو لم يقل؛ لعموم الأدلة، عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين، فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه، فضربته على حل عاتقه، وأقبل علي، فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب، فقال: مال للناس؟ فقلت: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «من قتل قتيلاً له عليه بينة، فله سلبه» الحديث متفق عليه.
وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين: «من قتل رجلاً فله سلبه»، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً، وأخذ أسلابهم. رواه أحمد وأبو داود. وفي لفظ: «من تفرد بدم رجل، فقتله فله سلبه»، قال: فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلاً. رواه أحمد.
وعن عوف بن مالك، أنه قال لخالد بن الوليد: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى.رواه مسلم، وكذا إذا أثخنه
فصار في حكم المقتول، فله سلبه؛ لما ورد عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، نظرت عن يميني، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والذي نفسي بيده لئن رأيته، لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال مثلها. قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فقال: فابتدراه بسفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأخبراه. فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: هل مستحما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء. متفق عليه. ووجه ذلك أن ابن مسعود وقف على أبي جهل يوم بدر، فلم يعط سلبه، وقضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن عمرو بن الجموع؛ لأنه أثبته.
ومن غرر بنفسه بأن قدم على مبارزة من يغلب على ظنه أنه لا يقدر عليه، فقتله حال الحرب لا قبلها ولا بعدها، ولا عبدًا بإذنه سيده، أو كان امرأة أو صبيًا بإذن إمام، أو نائبه فله سلبه؛ لحديث: «من قتل قتيلاً فله سلبه»، وللأحاديث المتقدمة.
وقال الشيخ تقي الدين: في هذا نظر؛ فإن حديث ابن الأكوع كان المقتول منفردًا، ولا قتال هناك، بل كان المقتول قد هرب منهم، انتهى من «الإنصاف».
ولا يستحق السلب مخذل، ولا مرجف، ولا عاص، كرام بيننا يفتن؛ لأنهم ليسوا من أهل الجهاد، ويستحق السلب القاتل بشرطه، ولو كان المقتول صبيًا أو امرأة إذا قاتلوا للعمومات، لا إن رماه بسهم من صف المسلمين، أو قتله مشتغلاً بأكل ونحوه، أو منهزمًا فلا يستحق سلبه لعدم التغرير بنفسه، أشبه قتل شيخ فان، وامرأة، وصبي، ونحوهم ممن لا يقتل.
ولو قطع مسلم يدي الكافر ورجليه، فله سلبه، ولو قتله غيره لأنه كفى المسلمين شره؛ ولأن معاذ بن عمرو بن الجموح أثبت أبا جهل، فأدرك ابن مسعود أبا جهل، وبه رمق فأجهز عليه، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.
وإن قتله اثنان فأكثر فسلبه غنيمة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يشرك بين اثنين في سلب، ولأنه إنما يستحقه بالتغرير في قتله، ولا يحصل بالاشتراك وإن أسره فقتله الإمام أو استحياه، بأن أبقاه حيًا رقيقًا، أو بفداء، أو من فسلبه ورقيته إن رق وفداؤك إن فدى غنيمة؛ لأن الذي أسره له بقتله، ولأنه قد أسر المسلمون يوم بدر أسرى، فقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم واستبقى منهم، ولم ينقل أنه أعطى أحدًا ممن أسرهم سلبًا ولا فداء، وإن قطع يده ورجله وقتله آخر، فسلبه للقاتل.
ولا تقبل دعوى القتل إلا بشهادة رجلين؛ لأن الشارع اعتبر البينة، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، ففي الحديث المتفق عليه المتقدم قريبًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه»، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، وكالقتيل العمد، وقيل: يعطي السلب إذا قال: أنا قتلته، ولا يسأل ببينة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل قول أبي قتادة، وجوابه الخبر الآخر، وبأن خصمه أقر له فاكتفى بقوله.
وقال جماعة من أهل الحديث: يقبل شاهد ويمين كغيره من الأموال، ونفقته ورحله وخيمته غنيمة؛ لأن ذلك ليس من اللبوس، ولا مما يُستعان به في الحرب.

منقول من : 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق