الاثنين، 17 يونيو 2013

تكلم عما يلي: بذل جعل لمن يعمل ما فيه غناء

تكلم عما يلي: بذل جعل لمن يعمل ما فيه غناء، مثل لذلك جعل جارية لمن يفعل ما فيه نفع ومصلحة للمسلمين، واذكر ما يتفرع على ذلك من المسائل، النفل في البداء والرجعة، بعث السرايا، الأدلة الدالة على ما تذكر أو التعليلات.

ج: يجوز أن يجعل أمير جعلاً معلومًا من مال المسلمين، ويجوز أن يجعل من مال الكفار، مجهولاً لمن يعمل ما فيه نفع للمسلمين كنقب سور، أو صعود حصن، أو يدل على طريق سهل، أو قلعة لتفتح، أو على ماء في مفازة ونحوه كدلالة على مال يأخذه المسلمون، أو عدو يغيرون عليه، أو ثغر يدخل منها إليه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد استأجر هو وأبو بكر في الهجرة من دلهم على الطريق، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الثلث والربع، مما غنموه وهو مجهول؛ لأن الغنيمة كلها مجهولة ويستحقه مجهول له بفعل ما جوهل عليه، بشرط أن لا يجاوز جعل مجهول من مال كفار ثلث الغنيمة بعد الخمس؛ لأنه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - جعل أكثر نه.
ويجوز أن يعطي الأمير ذلك بلا شرط؛ لأنه ترغيب للجهاد، ولو جعل الأمير لمن يفعل ما فيه مصلحة للمسلمين جارية معينة، على فتح حصن من الكفار، فماتت قبل فتح الحصن فلا شيء له؛ لأن حقه تعلق بعينها، وقد تلفت بغير تفريط، فسقط حقه منها كالودية، وإن أسلمت وهي أمة أخذها –كحرة جعلت بعد فتح- إلا أن يكون المجعول له الجارية كافرًا، فله قيمتها إن أسلمت كحرة جعلت له وأسلمت قبل الفتح.
وإن فتحت قلعة صلحًا، ولم يشترط المسلمون الجارية على أهل القلعة، وأبى أهل القلعة الجارية، وأبي مجعول له أخذ القيمة عنها. فسخ الصلح لتعذر إمضائه، لسبق حق صاحب الجعل، وتعذر الجمع بينه وبين الصلح.
وإن بذلوا الجارية مجانًا، لزم أخذها ودفعها غليه. قال في الفروع: والمراد غير حرة الأصل، وإلا وجبت قيمتها؛ لأن حرة الأصل غير مملوكة، وكل
موضع أوجبنا القيمة، ولم يغنم الجيش شيئًا؛ فإنها تعطي من بيت المال لأنه مال المصالح.
الأنفال: جمع نفل بالتحريك وبسكونها، والغنيمة: قال لبيد: إن تقوى ربنا خير نفل. وقال عنترة:
إنا إذا احمر الوغى نروي القنا ... ونعف عند مقاسم الأنفال
أي الغنائم، وأصل النفل: الزيادة، وسميت الغنيمة به؛ لأنها زيادة فيما أحل الله لهذه الأمة، مما كان محرمًا على غيرهم، أو لأنها زيادة على ما يحصل للمجاهد من أجل الجهاد، ويطلق النفل على معان أخر منها: اليمين، والابتغاء، ونبت معروف. والنافلة: التطوع لكونها زائدة على الواجب، والنافلة: ولد الولد؛ لأنه زيادة على الولد.
ولأمير في بداءة دخول دار حرب، أن ينفل الربع فأقل بعد الخمس، وله أن ينفل في رجوع من دار حرب الثلث، فاقل بعد الخمس؛ لما روى عبادة ابن الصامت، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي. وفي رواية: كان إذا أغار في أرض العدو، نفل الربع، وإذا قفل راجعًا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول: «ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم» رواه أحمد.
وعن حبيب بن مسلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع بعد الخمس في بداءته، ونفل الثلث عد الخمس في رجعته. رواه أحمد وأبو داود، وروى الأثرم عن عمر بن الخطاب، أنه قال لجرير بن عبد الله في قومه يريد الشام: هل لك أن تأتي الكوفة، ولك الثلث بعد الخمس، من كل أرض وسبي.
ولا تجوز الزيادة على الثلث لأن نفل النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إليه.
ويجوز النقص منه؛ لأنه إذا جاز ألا ينقل شيئًا، فلأن يجوز تنفيل قليل
أولى، ولا يستحق هذا النفل إلا بالشرط؛ لأن استحقاقه بغير شرط إنما يثبت بالشرع، ولم يرد الشرع باستحقاقه على الإطلاق، وزيد في الرجعة على البدء لمشقتها؛ لأن الجيش في البداءة ردة عن السرية، وفي الرجعة منصرف عنها، والعدو مستيقظ، ولأنهم مشتاقون إلى أهليهم، فيكون أكثر مشقة ولا يعدل شيء عند أحمد الخروج في السرية مع غلبة السلامة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «والذي نفسي بيده، لولا أن رجالاً من المسلمين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل» متفق عليه.
من النظم مما يلزم الإمام والجيش
ويلزم عند السير منع مخذل ... ومرجفهم مع كل أعجف أو ردي
ومخشى عون للعدو منافق ... وساع بشحنا بيننا ومفسد
ورديء نساء غير عجف قواعد ... يعالجن جرحى ثم يسقين من صدى
ولا يستعن بالكفر إلا ضرورة ... ويمشي برفق مستعد التزود
وعن أحمد إن كان يقوى لدفعهم ... إذا نصر الأعداء وإلا ليردد
وإن تجدن من كل مركوبه اجعلن ... على فاضل واحتم لخوف الردى قد
ويظهر أسباب التضافر بينهم ... ويعقد رايات بكل مسود
وكل قبيل فليقدم عليهم ... عريفًا حفيظًا كافيًا للتفقد
وكل فئات فليعين شعارهم ... وفي كل حرز أو صلاح ليجهد
ويبعث أكفاء العيون تحرزًا ... ويردع عن فعل الخنا كل مفسد
وذا الرأي شاوره وذا الصبر والغنا ... بأجر وتنفيل على غيره عد
ويكتم مهما اسطاع يا صاح ... ووار بغير القصد عن مقتصد
وصفهم واجعل على كل جانب ... نجيبًا ودع ميل الهوى لا تنكد
ودعوتنا من لم تبلغه حر من ... قتالهم قبل الدعاء وأكد
ومن بلغته قاتلن قبله أن تشا ... ودعوتهم من قبل حسن وسدد
وبذلك اجعل جلب نفع مجوز ... وعلما به الشرط من سوى مال جعد
إذا لم يجاوز بعد خمس ثلثيه ... في الأولى ودون الشرط ما زاد فاردد
وما منعوه بذله ورآه للمصالح ... من مال المصالح فأعدد
فمع فقد جعل عين أو نوع مطلق ... وفقدان فتح صاحب الجعل شرد
ولا يمنع الإسلام تسليم جعله ... رقيقًا قبيل الفتح أو بعده اشهد
وقيمة حر الأصل إن يهد قلبه ... وقيمته عين لذي الكفر ترشد
وإن صولحوا من غير شرط لجعله ... وظن به بالقيمة الصلح أفسد
وقيد احتمال ماله غير قيمة ... كحرة أصل سلموها بأبعد
وشرطك ربعا بعد خمس مجوز ... لنفل السرايا في الدخول به جد
وبالثلث بعد الخمس في رجعة ولا ... تبق لهم والجيش بعدهم اعدد
وقولين في تنفيله ذاك شرط أو ... زيادة فوق الثلث بالشرط قيد
وليس لهم من غير شرط تنفل ... وجائز التنقيص دون التزيد
وإن ير تنفيلاً لإغناء أو رجا ... غناء يجز من بعد خمس وقيد
ونفل السرايا للنقوع وغيره ... وكالسلب اخصص في سواهم بمرقد

منقول من :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق