الاثنين، 17 يونيو 2013

ماذا يلزم الإمام والرعية عند سيرهم إلى الغزو؟

ماذا يلزم الإمام والرعية عند سيرهم إلى الغزو؟ وما الذي يستحب أن يدعو به؟ القتال يقع بسبب خمسة أشياء فما هي؟ واذكر أدلتها ووضح الألفاظ الخفية.

ج: يلزم كل أحد إخلاص النية لله تعالى في الطاعات كلها من جهاد وغيره؛ لقوله تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } .
وعن أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال له: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر، ماله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا شيء له» فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا شيء له»، ثم قال: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغى به وجهه» رواه أحمد والنسائي.
قال ابن القيم في «شرح منازل السائرين»: قد تنوعت عباراتهم في الإخلاص والقصد واحد، فقيل: هو إفراد الحق سبحانه بالقصد والطاعة، وقيل: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، وقيل: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء: أن يكون ظاهره خيرًا من باطنه، والصدق في الإخلاص؛ أن يكون باطنه أعمر من ظاهره.
ومن كلام الفضيل -رحمه الله-: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما؛ وقال صاحب المنازل: الإخلاص تصفية العمل من كل شوب، ويلزم كل أحد أن يجتهد في إخلاص النية لله في الطاعات؛ لأن الواجب لا يتم إلا به.
ويستحب أن يدعو سرًا بحضور قلب؛ لما في حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قال: «اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل» رواه أبو داود بإسناد جيد، وكان جماعة منهم الشيخ تقي الدين يقوله عند قصد مجلس العلم. اهـ.
الأشياء التي يقع القتال بسببها: الشجاعة والحمية والرياء والمغنم والغضب، والدليل على ذلك ما ورد عن أبي موسى قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله» رواه الجماعة. وفي رواية البخاري: والرجل يقاتل للمغنم، وفي أخرى له: والرجل يقاتل غضبًا.
ويجب على الإمام عند المسير بالجيش تعاهد الخيل، قلت: وفي وقتنا يتفقد أيضًا الطائرات والدبابات والمصفحات والرشاشات والمدافع والسيارات، ويتفقد الرجال؛ لأن ذلك من مصالح الجيش فلزمه كبقية المصالح، فيختار من الرجال ما فيه غنى ومنفعة للحرب ومناصحة، ومن الخيل ما فيه قوة وصبر على الحرب، ويمكن الانتفاع به في الركوب، وحمل الأثقال، ومن الأسلحة الحديثة، والمركوبات الحديثة ما كان أنفع للجهاد.
ويمنع ما لا يصلح للحرب، ويمنع الخذل وهو المفند للناس عن الغزو ومزهدهم فيه والخروج إليه، كقائل: الحر أو البرد شديد، أو المشقة شديدة، أو بالكفار كثرة وخيلهم جيدة... وما شاكله، يقصد بذلك خذلان المسلمين، وهو التخلف عن النصرة، وترك الإعانة. يقال للظبي إذا تخلف عن القطيع: خذول، ويقال: خذلت الوحشية إذا أقامت على ولدها وتخلفت. قال طرفة بن العبد البكري:

خذول تراعي ربربًا بخميلة ... تناول أطراف أطراف البرير وترتد

وعليه منع مرجف كمن يقول: هلكت سرية المسلمين، ولا لهم مدد أو طاقة بالكفار، والإرجاف لغةً: إشاعة الكذب والباطل، يقال: أرجف
بكذا إذا أخبر به على غير حقيقة؛ لكونه خبرًا متزلزلاً غير ثابت من الرجفة، وهي الزلزلة، وأرجفوا في الشيء: خاضوا فيه، قال الشاعر:

أبا لأراجيف يا ابن اللؤم توعدني ... وفي الأراجيف خلت اللؤم والخورا

قال الله تعالى: { عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ } الآية، ويمنع مكاتبًا بأخبارنا، ليدل العدو على عوراتنا، ويمنع راميًا بيننا بالعداوة، وساعيًا بيننا بالفساد والفتن. قال تعالى: { لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } الآية.
ويمنع معروف بنفاق وزندقة؛ لقوله تعالى: { فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَئْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُواًّ } وأن هؤلاء مضرة على المسلمين فلزم الإمام منعهم، وعليه منع صبي لم يشتد ومجنون؛ لأنه لا منفعة فيهما، ولأن في دخولهما أرض العدو تعريضًا للهلاك.
ويمنع نساء للافتنان بهن مع أنهن لسن من أهل القتال؛ لاستيلاء الخور والجبن عليهن، ولأنه لا يؤمن ظفر العدو بهن، فيستحلوا منهن ما حرم الله تعالى، إلا عجوزًا لسقي ماء ونحوه، كمعالجة جرحى؛ لما ورد عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار، يسقين الماء، ويداوين الجرحى. رواه مسلم والترمذي وصححه.
وعن أم عطية الأنصارية قالت: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات، أخلفهم في رحالهم، وأصنع لهم الطعام وأداوي لهم الجرحى، وأقوم على المرضى. رواه أحمد ومسلم وابن ماجه. قال جمع: وامرأة الأمير لحاجته إليها لفعله - صلى الله عليه وسلم - 

منقول من :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق