الجمعة، 14 يونيو 2013

سقوط دولة بنى غانية

سقوط دولة بنى غانية: اتخذ ابن غانية ودّان مركزًا له بعد ما قتل قراقوش فيها، وأعطى لنفسه هدنة طويلة، لم يعاود فيها غزو إفريقية بعد هزيمته فى جبل نفوسة، بما يقرب من عشر سنوات. فلما توفى الشيخ أبو محمد ابن أبى حفص والى إفريقية سنة 618 هـ/1221م([1])، وولى أمرها السيد أبوالعلاء إدريس بن يوسف ابن عبدالمؤمن([2])، عاود ابن غانية غزو إفريقية والاستيلاء على البلاد، وفرض سيطرته واستفحل خطره([3]). رأى الوالى الموحدى الجديد السيد أبوالعلاء إدريس استحالة القضاء على ابن غانية إلا بتقسيم الجيش إلى عدة فرق حتى تقوم كل فرقة بتأمين ناحية من البلاد، وتتعاون جميعها على حصار ابن غانية ومطاردته، واعتراض طريقه تمهيدًا للقضاء عليه، ثم سار السيد أبوالعلاء بناءعلى ذلك إلى قابس سنة 621 هـ/ 1224 م فنزل بقواته، وأقام بقصر العروسين، ثم بعث ابنه أبا زيد ببعض قواته إلى درج وغدامس، ثم بعث عسكرًا آخر إلى ودان لقتال ابن غانية وحصاره، فاعترض بعض العرب من أنصار ابن غانية طريق هذا العسكر، مما أتاح الفرصة لابن غانية للفرار إلى الزاب ومنها إلى بسكرة([4]) (من نواحى الزاب) ([5]). سار السيد أبو زيد وراء ابن غانية، فاقتحم عليه مدينة بسكرة، واستولى عليها، أما ابن غانية فقد استطاع الفرار، ثم جمع حوله الأنصار من العرب والبربر، وسار للاستيلاء على تونس، وبلغ ذلك السيد أبا زيد فأسرع للحاق بابن غانية، واصطحب معه قبائل هوارة، فوجد ابن غانية لا يزال بظاهر طرابلس، ثم اشتبك معه سنة 621 هـ/ 1224 م فى موقعة بالقرب من تونس، انتهت بهزيمة ابن غانية وفراره إلى الصحراء، ومقتل أكثر جنده وأنصاره من الملثمين ومن غيرهم، واستيلاء الموحدين على الغنائم، وكانت قبيلة هوارة قد أبلت بلاءً حسنًا فى القتال بقيادة أميرها حناش بن بعرة إلى جانب الموحدين([6]). وبلغ السيد أبا زيد إثر هذه المعركة وفاة أبيه السيد أبي العلاء فرجع إلى تونس، فولاه الموحدون إفريقية خلفًا لأبيه، ولكنه أساء السيرة وكرهته الرعية فعزله الخليفة سنة 623 هـ/ 1226 م، وبعث مكانه على إفريقية أبا محمد عبدالله بن الشيخ عبدالله بن عبدالواحد بن أبى حفص ولقبه "عبو" والى إفريقية السابق([7])، واستقر أبو محمد عبدالله فى مدينة تونس، ثم عين أخاه أبا زكرياء يحيى واليًا على قابس والحمة وعين أخاه الآخر إبراهيم على توزر، ولكن نشب خلاف بين والى إفريقية أبى محمد عبد الله وأخيه أبى زكرياء يحيى والى قابس والحمة، فانحاز الجند إلى أبى زكرياء يحيى وتولى إفريقية بدلاً من أخيه أبى محمد عبد الله فى السادس والعشرين من رجب سنة 625 هـ/1228م([8]). ولما استقل أبو زكرياء الحفصى فى إفريقية وأعمالها (625 – 647 هـ/1228-1249م) ظل يطارد ابن غانية ويشرده فى الأقطار والصحراء، من سجلماسة فى المغرب الأقصى إلى العقبة الكبرى من تخوم مصر، حتى عاش بقية عمره مشردًا مع الأعراب إلى أن مات في سنة 631هـ/1232م أو سنة 633هـ/1233م حتى قيل إن أنصاره تخلوا عنه، وسئم جنده القتال معه، فأخلى سبيلهم([9]). ([1]) ابن خلدون: العبر ج 6 ص 233؛ ابن القنفذ: الفارسية ص105؛ ابن الشماع: الأدلة البينة ص52، السلاوي: الاستقصا ج 2 ص 227. ([2]) ابن عذارى: البيان (قسم الموحدين)ص299، ذكر ابن خلدون أن اسمه أبوالعلا إدريس بن يونس بن عبد المؤمن. انظر العبر ج 6 ص 233؛ والصحيح والمذكور من تاريخ الدولتين للزركشى ص 20، والاستقصا للسلاوى ج 2 ص 277. ([3]) ابن خلدون: العبر ج 6 ص 233؛ الزركشى: تاريخ ص 20. ([4]) ابن خلدون: المصدر السابق؛ ص 200. وقارن: Alfred Bell: Op.Cit، P.152.. ([5]) منه بسكرة وتوزر وقسنطينة وقفصة ونفزاوة. انظر الحموى: معجم ح3ص124. ([6]) ابن خلدون: العبر ج6ص233. ([7]) ابن القنفذ: الفارسية ص106، السلاوي: الاستقصا ج 2 ص 228. ([8]) ابن عذارى: البيان ج 3 ص 275؛ الزركشى: تاريخ ص 20 – 21؛ ابن خلدون: العبر ج 6 ص 233، السلاوى: الاستقصا ج 2 ص 240. ([9]) ابن خلدون: العبرج 6 ص 233؛ النائب: المنهل ح 1 ص 144.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق