الجمعة، 14 يونيو 2013
الباب الأول في مباني الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الأول في مباني الإسلام
وفيه خمسة فصول
الفصل الأول في الإخلاص لله تعالى والثناء عليه
وهو أن تعلم أن الله تعالى واحد لا شريك له. فرد لا مثل له. صمد لا ند له. أزلي قائم، أبدي دائم، لا أول لوجوده، ولا آخر لأبديته. قيوم لا يفنيه الأبد، ولا يغيره الأمد، بل هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، منزه عن الجسمية ليس كمثله شيء
«1» ، وهو فوق كل شيء، فوقيته لا تزيده بعدا عن عباده، وهو أقرب
إلى العبيد من حبل الوريد
«2» ، وهو على كل شيء شهيد
«3» ، وهو معكم أين ما كنتم
«4» ، لا يشابه قربه قرب الأجسام، كما لا تشابه ذاته ذوات الأجرام «5» ، منزه عن أن يحده زمان، مقدس عن أن يحيط به مكان، تراه أبصار الأبرار في دار القرار، على ما دلت عليه الآيات والأخبار، حي قادر جبار قاهر لا يعتريه عجز ولا قصور، لا تأخذه سنة ولا نوم
«6» ، له الملكوت والعزة والجبروت، خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم، لا تحصى مقدوراته «7» ، ولا تتناهى معلوماته، عالم بجميع المعلومات، لا يعزب عنه «8» مثقال ذرة في الأرض ولا في السموات، يعلم السر وأخفى «9» ، ويطلع على هواجس الضمائر وخفيات السرائر، مريد للكائنات، مدبر للحادثات، لا يجري في ملكه قليل ولا كثير، ولا جليل ولا حقير، خير أو شر، نفع أو ضر، إلا بقضائه وقدره وحكمه ومشيئته، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فهو المبدىء المعيد «10» ، الفاعل لما يريد، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، ولا مهرب لعبد عن معصيته إلا بتوفيقه ورحمته، ولا قوة له على طاعته إلا بمحبته وإرادته. لو اجتمع الإنس والجن والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون إرادته لعجزوا «11» . سميع بصير متكلم بكلام لا يشبه كلام خلقه، وكل ما سواه سبحانه وتعالى، فهو حادث أوجده بقدرته، وما من حركة ولا سكون إلا وله في ذلك حكمة دالة على وحدانيته، قال الله تعالى: إن في خلق السماوات والأرض
«12» الآية.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق