الخميس، 6 يونيو 2013

النوع السادس والثلاثون: مَعْرِفَةِ الْمُحْكَمِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ

لنوع السادس والثلاثون: مَعْرِفَةِ الْمُحْكَمِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ متشابهات} قِيلَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ فِي هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزل إليهم وَالْمُتَشَابِهُ لَا يُرْجَى بَيَانُهُ وَالْمُحْكَمُ لَا تُوقَفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى الْبَيَانِ
وَقَدْ حَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مُحْكَمٌ لقوله تعالى: {كتاب أحكمت آياته} وَالثَّانِي: كُلُّهُ مُتَشَابِهٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أحسن الحديث كتابا متشابها} وَالثَّالِثُ: -وَهُوَ الصَّحِيحُ- أَنَّ مِنْهُ مُحْكَمًا وَمِنْهُ مُتَشَابِهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أم الكتاب}
فَأَمَّا الْمُحْكَمُ فَأَصْلُهُ لُغَةً الْمَنْعُ تَقُولُ أَحْكَمْتُ بِمَعْنَى رَدَدْتُ وَمَنَعْتُ وَالْحَاكِمُ لِمَنْعِهِ الظَّالِمُ مِنَ الظُّلْمِ وَحَكَمَةُ اللِّجَامِ هِيَ الَّتِي تَمْنَعُ الْفَرَسَ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَهُوَ مَا أحكمته بالأمر وَالنَّهْيِ وَبَيَانِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ

وَقِيلَ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وآتوا الزكاة} وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يُنْسَخْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} وَقَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ حُكْمًا مَذْكُورَةً فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَفِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقِيلَ: هُوَ النَّاسِخُ وَقِيلَ: الْفَرَائِضُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَقِيلَ: الَّذِي وَعَدَ عَلَيْهِ ثَوَابًا أَوْ عِقَابًا وَقِيلَ: الَّذِي تَأْوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ بِجَعْلِ الْقُلُوبِ تَعْرِفُهُ عِنْدَ سَمَاعِهِ كَقَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحد} و {ليس كمثله شيء} وقيل: مالا يَحْتَمِلُ فِي التَّأْوِيلِ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا وَقِيلَ مَا تَكَرَّرَ لَفْظُهُ
وَأَمَّا الْمُتَشَابِهُ فَأَصْلُهُ أَنْ يَشْتَبِهَ اللَّفْظُ فِي الظَّاهِرِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَعَانِي كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ ثَمَرِ الْجَنَّةِ {وأتوا به متشابها} أَيْ مُتَّفِقَ الْمَنَاظِرِ مُخْتَلِفَ الطُّعُومِ وَيُقَالُ لِلْغَامِضِ: مُتَشَابِهٌ لِأَنَّ جِهَةَ الشَّبَهِ فِيهِ كَمَا تَقُولُ لِحُرُوفِ التَّهَجِّي وَالْمُتَشَابِهُ مِثْلُ الْمُشْكِلِ لِأَنَّهُ أَشْكَلَ أَيْ دَخَلَ فِي شَكْلِ غَيْرِهِ وَشَاكَلَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقِيلَ: هُوَ الْمُشْتَبَهُ الَّذِي يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَقِيلَ: هُوَ الْمَنْسُوخُ الْغَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَقِيلَ: الْقَصَصُ وَالْأَمْثَالُ وَقِيلَ: مَا أُمِرْتَ أَنْ تُؤْمِنَ بِهِ وَتَكِلَ عِلْمَهُ إِلَى عَالِمِهِ وَقِيلَ: فَوَاتِحُ السُّوَرِ وَقِيلَ:

مَا لَا يُدْرَى إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ وَلَا بُدَّ من صرفه إليه كقوله: {تجري بأعيننا} وَ {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} وَقِيلَ: الْآيَاتُ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا وَقْتَ السَّاعَةِ وَمَجِيءَ الْغَيْثِ وَانْقِطَاعَ الْآجَالِ كَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ عنده علم الساعة} وَقِيلَ: مَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا وَالْمُحْكَمُ مَا يَحْتَمِلُ وجها واحدا وقيل: مالا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ إِلَّا بِرَدِّهِ إِلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ وَكُلُّهَا مُتَقَارِبٌ
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43319

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق