الخميس، 6 يونيو 2013

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قوله تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ..

وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قوله تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ في العلم} يعلمونه ويقولون آمنا به وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ حَظٌّ مِنَ الْمُتَشَابِهِ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَضْلٌ عَلَى الْجَاهِلِ لِأَنَّ الْكُلَّ قَائِلُونَ ذَلِكَ وَنَحْنُ لَمْ نَرَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ تَوَقَّفُوا عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالُوا: هُوَ مُتَشَابِهٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ بَلْ أَمَرُّوهُ عَلَى التَّفْسِيرِ حَتَّى فَسَّرُوا الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَعْلَمَ الرَّاسِخُونَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي العلم يقولون آمنا به} وَإِذَا أَشْرَكَهُمْ فِي الْعِلْمِ انْقَطَعُوا عَنْ قَوْلِهِ: {يَقُولُونَ} لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا عَطْفٌ حَتَّى يُوجِبَ لِلرَّاسِخِينَ فِعْلَيْنِ! قُلْنَا: إِنَّ {يَقُولُونَ} هُنَا فِي مَعْنَى الْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} قَائِلِينَ آمَنَّا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: الرِّيحُ تَبْكِي شَجْوَهَا
وَالْبَرْقُ يَلْمَعُ فِي غَمَامَهْ
أَيْ لَامِعًا
وَقِيلَ الْمَعْنَى: يَعْلَمُونَ وَيَقُولُونَ فَحَذَفَ وَاوَ الْعَطْفِ كقوله {وجوه يومئذ ناضرة} وَالْمَعْنَى يَقُولُونَ: عَلِمْنَا وَآمَنَّا لِأَنَّ الْإِيمَانَ قَبْلَ العلم محال
إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِيمَانُ مَعَ الْجَهْلِ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يَعْلَمُوهَا لَمْ يَكُونُوا مِنَ الرَّاسِخِينَ وَلَمْ يَقَعِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجُهَّالِ
الثَّالِثُ: وَمِنْ هَذَا الْخِلَافِ نَشَأَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَا تَعْلَمُ الْأُمَّةُ تَأْوِيلَهُ قَالَ الرَّاغِبُ فِي مُقَدِّمَةِ تَفْسِيرِهِ وَذَهَبَ عَامَّةُ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ كُلَّ الْقُرْآنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَإِلَّا لَأَدَّى إِلَى إِبْطَالِ فَائِدَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحَمَلُوا قَوْلَهُ: {وَالرَّاسِخُونَ} بِالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا اللَّهُ} وَقَوْلُهُ: {يَقُولُونَ} جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ
قَالَ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ بَعْضُ مالا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ حَلَالٍ وحرام ووجه لا يسع أحد جَهَالَتُهُ وَوَجْهٍ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَوَجْهٌ تَأْوِيلٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُتَشَابِهُ اسْمٌ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِمَا الْتَبَسَ مِنَ الْمَعْنَى لِدُخُولِ شَبَهِهِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ نَحْوُ قَوْلِهِ: {إِنَّ البقر تشابه علينا} الْآيَةَ وَالثَّانِي: اسْمٌ لِمَا يُوَافِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا ويصدقه قوله تعالى: {كتابا متشابها مثاني} الْآيَةَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُتَشَابِهِ فِي الْقُرْآنِ الْأَوَّلَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمُ الْوُصُولُ إِلَى مُرَادِهِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُطْلِعَهُمْ عَلَيْهِ بِنَوْعٍ مِنْ لُطْفِهِ لِأَنَّهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ جَازَ أَنْ يَعْلَمُوا مُرَادَهُ

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43322

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق