الخميس، 6 يونيو 2013
"فِيهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَهَى سَنَامُ آيِ الْقُرْآنِ وَلَا تُقْرَأُ فِي دَارٍ ..
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ "فِيهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَهَى سَنَامُ آيِ الْقُرْآنِ وَلَا تُقْرَأُ فِي دَارٍ فِيهَا شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَجَ مِنْهَا" وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا قَبْلَهُ بِأَفْضَلِيَّةِ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ تِلْكَ بِاعْتِبَارِ السُّوَرِ وَهَذِهِ بِاعْتِبَارِ الْآيَاتِ
وَقَالَ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ الْخُوَيِّيُّ كَلَامُ الله أَبْلَغُ مِنْ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ وَهَلْ يَجُوزُأَنْ يُقَالَ بَعْضُ كَلَامِهِ أَبْلَغُ مِنْ بَعْضٍ؟ جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ لِقُصُورِ نَظَرِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ هَذَا الْكَلَامُ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ لَهُ حُسْنٌ وَلُطْفٌ وَذَاكَ فِي مَوْضِعِهِ لَهُ حُسْنٌ وَلُطْفٌ وَهَذَا الْحَسَنُ فِي مَوْضِعِهِ أَكْمَلُ مِنْ ذَاكَ فِي مَوْضِعِهِ فَإِنَّ مَنْ قَالَ إن {قل هو الله أحد} أبلغ من {تبت يدا أبي لهب وتب} يَجْعَلُ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ ذِكْرِ اللَّهِ وَذِكْرِ أَبِي لَهَبٍ وَبَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالدُّعَاءِ عَلَى الْكَافِرِينَ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: {تَبَّتْ يدا أبي لهب وتب} دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْخُسْرَانِ فَهَلْ تُوجَدُ عِبَارَةٌ لِلدُّعَاءِ بِالْخُسْرَانِ أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ وَكَذَلِكَ فِي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لَا تُوجَدُ عِبَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ أَبْلَغُ مِنْهَا فَالْعَالِمُ إِذَا نَظَرَ إِلَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} فِي بَابِ الدُّعَاءِ وَالْخُسْرَانِ وَنَظَرَ إِلَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فِي بَابِ التَّوْحِيدِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَبْلَغُ مِنَ الْآخَرِ وَهَذَا الْقَيْدُ يَغْفُلُ عَنْهُ بَعْضُ مَنْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ عِلْمُ الْبَيَانِ
قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَلْفِتُ عَنِ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ إِنَّ كلام الله شيء واحد أولا عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَنَوَّعُ فِي ذَاتِهِ إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقَاتِهِ
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وأخر متشابهات} فَجَعَلَهُ شَيْئَيْنِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ بِعَدَمِهِ وَأَنَّهُ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ
قُلْنَا: مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ لَا مَزِيَّةَ لِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ قَوْلُنَا: شَيْءٍ مِنْهُ يُوهِمُ التَّبْعِيضَ وَلَيْسَ لِكَلَامِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ بَعْضٌ وَلَكِنْ بِالتَّأْوِيلِ وَالتَّفْسِيرِ وَفَهْمِ السَّامِعِينَ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمُخَاطَبَاتِ وَلَوْلَا تَنَزُّلُهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِعِ لَمَا وَصَلْنَا إِلَى فَهْمِ شَيْءٍ مِنْهُ
وقال الحليمي قد ذكرنا أخبار تدل على جوار الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {نأت بخير منها أو مثلها} وَمَعْنَى ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ آيَتَا عَمَلٍ ثَابِتَتَانِ فِي التِّلَاوَةِ إِلَّا أَنَّ إِحْدَاهُمَا مَنْسُوخَةٌ وَالْأُخْرَى نَاسِخَةٌ فَنَقُولُ إِنَّ النَّاسِخَ خَيْرٌ أَيْ أَنَّ الْعَمَلَ بِهَا أَوْلَى بِالنَّاسِ وَأَعْوَدُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ آيَاتُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ خَيْرٌ مِنْ آيَاتِ الْقَصَصِ لِأَنَّ الْقَصَصَ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا تَأْكِيدُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّبْشِيرِ وَلَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَقَدْ يَسْتَغْنُونَ عَنِ الْقَصَصِ فَكُلُّ مَا هُوَ أَعْوَدُ عَلَيْهِمْ وَأَنْفَعُ لَهُمْ مِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الْأُصُولِ خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا يَحْصُلُ تَبَعًا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق