الخميس، 6 يونيو 2013

فصل: في مد الياء وَقَبْضِهَا

فصل: في مد الياء وَقَبْضِهَا وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لَمَّا لَازَمَتِ الْفِعْلَ صَارَ لَهَا اعْتِبَارَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ حَيْثُ هيأَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ وَهَذَا تُقْبَضُ مِنْهُ التَّاءُ وَالثَّانِي مِنْ حَيْثُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضَاهَا فِعْلًا وَأَثَرًا ظَاهِرًا فِي الْوُجُودِ فَهَذَا تُمَدُّ فِيهِ كَمَا تمد في قالت وحقت وَجِهَةُ الْفِعْلِ وَالْأَمْرِ مِلْكِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَجِهَةُ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ مَلَكُوتِيَّةٌ بَاطِنَةٌ فَمِنْ ذَلِكَ الرَّحْمَةُ مُدَّتْ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي أَحَدِهَا: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المحسنين} فَوَضْعُهَا عَلَى التَّذْكِيرِ فَهُوَ الْفِعْلُ وَكَذَلِكَ: {فَانْظُرْ إلى آثار رحمت الله} وَالْأَثَرُ هُوَ الْفِعْلُ ضَرُورَةً وَالثَّالِثُ: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رحمت الله} والرابع في هود: {رحمت الله وبركاته} والخامس: {ذكر رحمت ربك} والسادس: {أهم يقسمون رحمت ربك} والسابع: {ورحمت ربك خير مما يجمعون} وَمِنْهُ النِّعْمَةُ بِالْهَاءِ إِلَّا فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا مُدَّتْ بِهَا فِي الْبَقَرَةِ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عليكم} في آل عمران، والمائدة وفي إبراهيم موضعان والنحل ثلاثة مواضع وفي لقمان وفاطر والطور وَالْحِكْمَةُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَاصِلَةَ بِالْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ تُمَدُّ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي إِبْرَاهِيمَ: {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها} بدليل قوله: {إن الأنسان لظلوم كفار} فَهَذِهِ نِعْمَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالظَّلُومِ الْكَفَّارِ فِي تَنْزِيلِهِمَا وَهَذَا بِخِلَافِ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {وَإِنْ تعدوا نعمة الله لا تحصوها} كُتِبَتْ مَقْبُوضَةً لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الِاسْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إن الله لغفور رحيم} فَهَذِهِ نِعْمَةٌ وَصَلَتْ مِنَ الرَّبِّ فَهِيَ مَلَكُوتِيَّةٌ خَتَمَهَا بِاسْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَتَمَ الْأُولَى بِاسْمِ الْإِنْسَانِ وَمِنْ ذَلِكَ الْكَلِمَةُ مَقْبُوضَةً إِلَّا فِي مَوْضِعٍ فِي الْأَعْرَافِ: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} هُوَ مَا تَمَّ لَهُمْ فِي الْوُجُودِ الْأُخْرَوِيِّ بِالْفِعْلِ الظَّاهِرِ دَلِيلُهُ فِي الْمِلْكِ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَتَمَامُهَا أَنَّ لَهَا نِهَايَةً تَظْهَرُ فِي الْوُجُودِ بِالْفِعْلِ فَمُدَّتِ التَّاءُ وَمِنْهَا السُّنَّةُ مَقْبُوضَةً إِلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ حَيْثُ تَكُونُ بِمَعْنَى الْإِهْلَاكِ وَالِانْتِقَامِ الَّذِي فِي الْوُجُودِ أَحَدُهَا فِي الأنفال: {فقد مضت سنت الأولين} ويدل عليها أنها من الِانْتِقَامِ قَوْلُهُ قَبْلَهَا: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قد سلف} وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وَفَى فَاطِرٍ: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فلن تجد لسنت الله تبديلا} وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الِانْتِقَامِ قَوْلُهُ تَعَالَى قَبْلَهَا: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} وَسِيَاقُ مَا بَعْدَهَا وَفَى الْمُؤْمِنِ: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق