الخميس، 6 يونيو 2013

وفي الأعراف: {بئس ما خلفتموني}

وفي الأعراف: {بئس ما خلفتموني} فَحَرْفُ مَا لَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْوُجُودِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ بَاطِلًا مَذْمُومًا عَلَى خِلَافِ حَالِ مَا فِي الْمَائِدَةِ: {وترى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السحت لبئس ما كانوا يعملون} فَحَرْفُ مَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ قَبْلُ وَكَذَلِكَ: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أنفسهم} حرف ما مفصول لأنه يعمل مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَقْسَامِومنه: {يوم هم على النار يفتنون} {يوم هم بارزون} حَرْفَانِ فُصِلَ الضَّمِيرُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَأُضِيفَ الْيَوْمُ إِلَى الْجُمْلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ وَ {يَوْمَهُمُ الذي فيه يصعقون} و {يومهم الذي يوعدون} وُصِلَ الضَّمِيرُ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ فَهُوَ جُزْءُ الْكَلِمَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ الْيَوْمِ الْمُضَافِ وَالضَّمِيرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ فِي مَا مَفْصُولٌ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا: فِي الْبَقَرَةِ: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ من معروف} وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَقَعُ عَلَى فَرْدٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعٍ يَنْفَصِلُ بِهَا الْمَعْرُوفُ فِي الْوُجُودِ وعلى الْبَدَلِيَّةِ أَوِ الْجَمْعِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَنْكِيرُهُ الْمَعْرُوفَ وَدُخُولُ حِرَفِ التَّبْعِيضِ عَلَيْهِ فَهُوَ حِسِّيٌّ يُقَسَّمُ وَحَرْفُ مَا وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَوِ الْجَمْعِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بالمعروف، فَهَذَا مَوْصُولٌ لِأَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُفَصَّلٍ يَدُلُّكَ عَلَيْهِ وَصْفُهُ بِالْمَعْرُوفِ وكذلك {في ما اشتهت أنفسهم خالدون} وَهُوَ مَفْصُولٌ لِأَنَّ شَهَوَاتِ الْأَنْفُسِ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُفَصَّلَةٌ فِي الْوُجُودِ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْهُ فِي سَائِرِهَا وَمِنْهُ: {لِكَيْلَا} مَوْصُولٌ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَبَاقِيهَا مُنْفَصِلٌ وَإِنَّمَا يُوصَلُ حَيْثُ يَكُونُ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ فَيُوصَلُ لِأَنَّ نَفْيَ الْكُلِّيِّ نَفْيٌ لِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ فَعِلَّةُ نَفْيِهِ هِيَ عِلَّةُ نَفْيِ أَجْزَائِهِ وَلَيْسَ لِلْكُلِّيِّ الْمَنْفِيِّ أَفْرَادٌ فِي الْوُجُودِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيهِ بِالتَّوَهُّمِ وَيُفْصَلُ حَيْثُ يَكُونُ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى جُزْئِيٍّ فَإِنَّ نَفْيَ الْجُزْئِيِّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْكُلِّيِّ فَلَا تَكُونَ علته علة نفي الجمع: في الحج وفى الأحزاب: {لكيلا يكون عليك حرج} وَفَى الْحَدِيدِ: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} فَهَذِهِ هِيَ الْمَوْصُولَةُ وَهِيَ بِخِلَافِ: {لِكَيْ لَا يعلم بعد علم شيئا} فِي النَّحْلِ لِأَنَّ الظَّرْفَ فِي هَذَا خَاصُّ الِاعْتِبَارِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ عَامُّ الِاعْتِبَارِ لِدُخُولِ مِنْ عَلَيْهِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} اختص المظروف بقبل فِي الدُّنْيَا فَفِيهَا كَانُوا مُشْفِقِينَ خَاصَّةً وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هو البر الرحيم} فَهَذَا الظَّرْفُ عَامٌّ لِدُعَائِهِمْ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا والآخرة فلم يختص المظروف بقبل بِالدُّنْيَا وَكَذَلِكَ: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وطرا} فَهَذَا الْمَنْفِيُّ هُوَ حَرَجٌ مُقَيَّدٌ بِظَرْفَيْنِ وَكَذَلِكَ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} فَهَذَا النَّفْيُ هُوَ كَوْنُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى} دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذِهِ قُيُودٌ كَثِيرَةٌ وَمِنْ ذَلِكَ هُمْ وَنَحْوُهُ مِنَ الضَّمَائِرِ تَدُلُّ عَلَى جُمْلَةِ الْمُسَمَّى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَالْإِضْمَارُ حَالٌ لَا صِفَةُ وُجُودٍ فَلَا يَلْزَمُهَا التَّقْسِيمُ الْوُجُودِيُّ إِلَّا الْوَهْمِيَّ الشِّعْرِيَّ وَالْخَطَأَ بِمَا يُرْسَمُ عَلَى الْعِلْمِ الْحَقِّ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق