الخميس، 6 يونيو 2013

قوله تعالى: {لما خلقت بيدي}

قوله تعالى: {لما خلقت بيدي} قَالَ السُّهَيْلِيُّ: الْيَدُ فِي الْأَصْلِ كَالْمَصْدَرِ عِبَارَةٌ عَنْ صِفَةٍ لِمَوْصُوفٍ وَلِذَلِكَ مَدَحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْأَيْدِي مَقْرُونَةً مَعَ الْأَبْصَارِ فِي قَوْلِهِ: {أُولِي الأيدي والأبصار} وَلَمْ يَمْدَحْهُمْ بِالْجَوَارِحِ لِأَنَّ الْمَدْحَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ لَا بِالْجَوَاهِرِ قَالَ: وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَصَحَّ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ: إِنَّ الْيَدَيْنِ فِي قَوْلِهِ تعالى: {ما خلقت بيدي} صِفَةٌ وَرَدَ بِهَا الشَّرْعُ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهَا فِي مَعْنَى الْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَلَا قَطَعَ بِشَيْءٍ مِنَ التَّأْوِيلَاتِ تَحَرُّزًا مِنْهُ عَنْ مُخَالَفَةِ السَّلَفِ وَقَطَعَ بِأَنَّهَا صِفَةٌ تَحَرُّزًا عَنْ مَذَاهِبِ الْمُشَبِّهَةِفَإِنْ قِيلَ: وَكَيْفَ خُوطِبُوا بِمَا لَا يَعْلَمُونَ إِذِ الْيَدُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ لَا يَعْرِفُونَهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَعْنَاهَا وَلَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ تَوَهُّمَ التَّشْبِيهِ وَلَا احْتَاجَ إِلَى شَرْحٍ وَتَنْبِيهٍ وَكَذَلِكَ الْكُفَّارُ لَوْ كَانَ لَا يُعْقَلُ عِنْدَهُمْ إِلَّا فِي الْجَارِحَةِ لَتَعَلَّقُوا بِهَا فِي دَعْوَى التَّنَاقُضِ وَاحْتَجُّوا بِهَا عَلَى الرَّسُولِ وَلَقَالُوا: زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ثُمَّ تُخْبِرُ أَنَّ لَهُ يَدًا وَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ مُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ عُلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ كَانَ جَلِيًّا لَا خَفَاءَ بِهِ لِأَنَّهَا صِفَةٌ سُمِّيَتِ الْجَارِحَةُ بِهَا مَجَازًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ الْمَجَازُ فِيهَا حَتَّى نُسِيَتِ الْحَقِيقَةُ وَرُبَّ مُجَازٍ كَثِيرٍ اسْتُعْمِلَ حَتَّى نُسِيَ أَصْلُهُ وَتُرِكَتْ صِفَتُهُ وَالَّذِي يَلُوحُ مِنْ مَعْنَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ مَعْنَى الْقُدْرَةِ إِلَّا أَنَّهَا أَخَصُّ وَالْقُدْرَةُ أَعَمُّ كَالْمَحَبَّةِ مَعَ الْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ فَالْيَدُ أَخَصُّ مِنْ مَعْنَى الْقُدْرَةِ وَلِذَا كَانَ فِيهَا تَشْرِيفٌ لَازِمٌ
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ في تفسير قوله تعالى: {ما خلقت بيدي} فِي تَحْقِيقِ اللَّهِ التَّثْنِيَةَ فِي الْيَدِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَإِنَّمَا هُمَا صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ قَالَ مجاهد: اليد هاهنا بمعنى التأكيد والصلة مجازه لما خلقت كقوله: {ويبقى وجه ربك} قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَوِيٍّ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صِلَةً لَكَانَ لِإِبْلِيسَ أَنْ يَقُولَ إِنْ كُنْتَ خَلَقْتَهُ فَقَدْ خَلَقْتَنِي وَكَذَلِكَ فِي الْقُدْرَةِ وَالنِّعْمَةِ لَا يَكُونُ لِآدَمَ فِي الْخَلْقِ مَزِيَّةٌ عَلَى إِبْلِيسَ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِمَّا عملت أيدينا} فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الِاثْنَيْنِ جَمْعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هذان خصمان اختصموا

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43330

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق