وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ بِضُرُوبٍ
وَمِنْ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ بِضُرُوبٍ
أَحَدُهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى الِابْتِدَاءِ قَالَ تَعَالَى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودون} {كما بدأنا أول خلق نعيده} {أفعيينا بالخلق الأول} .
ثَانِيهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى نَحْوُ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يخلق مثلهم} {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} .
ثَالِثُهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَهُوَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ إِنْزَالُ الْمَطَرِ غَالِبًا نَحْوُ: {وَيُحْيِي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} .
رَابِعُهَا: قِيَاسُ الْإِعَادَةِ عَلَى إِخْرَاجِ النَّارِ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ لَمَّا جَاءَ بِعِظَامٍ بَالِيَةٍ فَفَتَّهَا وَذَرَّهَا في الهواء وقال: يا محمد من يحي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خلق عليم} .
فَعَلَّمَ سُبْحَانَهُ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِرَدِّ النَّشْأَةِ الْأُخْرَى إِلَى الْأَوْلَى وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِعِلَّةِ الْحُدُوثِ ثُمَّ زَادَ فِي الْحِجَاجِ بِقَوْلِهِ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ من الشجر الأخضر نارا} .وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي رَدِّ الشَّيْءِ إِلَى نَظِيرِهِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ تَبْدِيلُ الْأَعْرَاضِ عَلَيْهِمَا
خَامِسُهَا: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} .
وَتَقْرِيرُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ السَّيِّدِ: إِنَّ اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْحَقِّ لَا يُوجِبُ انْقِلَابَ الْحَقِّ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ الطُّرُقُ الْمُوصِلَةُ إِلَيْهِ وَالْحَقُّ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَاهُنَا حَقِيقَةً مَوْجُودَةً لَا مَحَالَةَ وَكَانَ لَا سَبِيلَ لَنَا فِي حَيَاتِنَا هَذِهِ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهَا وُقُوفًا يُوجِبُ الِائْتِلَافَ وَيَرْفَعُ عَنَّا الِاخْتِلَافَ إِذْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَرْكُوزًا فِي فِطَرِنَا وَكَانَ لَا يُمْكِنُ ارْتِفَاعُهُ وَزَوَالُهُ إِلَّا بِارْتِفَاعِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ وَنَقْلِهَا إِلَى جِبِلَّةٍ غَيْرِهَا صَحَّ ضَرُورَةً أَنَّ لَنَا حَيَاةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الْحَيَاةِ فِيهَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ وَالْعِنَادُ وَهَذِهِ هِيَ الْحَالُ الَّتِي وَعَدَ اللَّهُ بِالْمَصِيرِ إِلَيْهَا فَقَالَ: {وَنَزَعْنَا ما في صدورهم من غل} ، ولابد مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ بِاضْطِرَارٍ إِذْ كَانَ جَوَازُ الْخِلَافِ يَقْتَضِي الِائْتِلَافَ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْمُضَافِ وكان لابد مِنْ حَقِيقَتِهِ فَقَدْ صَارَ الْخِلَافُ الْمَوْجُودُ كَمَا تَرَى أَوْضَحَ دَلِيلٍ عَلَى كَوْنِ الْبَعْثِ الَّذِي ينكره المنكرون
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43288
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق