الخميس، 6 يونيو 2013
النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ
النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا فَضْلَ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامُ اللَّهِ وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ تَعَالَى لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمَا وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى تَفْضِيلُ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ خَطَأٌ وَكَذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ تُعَادَ سُورَةٌ أَوْ تُرَدَّدُ دُونَ غَيْرِهَا احْتَجُّوا بِأَنَّ الْأَفْضَلَ يُشْعِرُ بِنَقْصِ الْمَفْضُولِ وَكَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا نَقْصَ فِيهِ
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ الله عنه ما أنزل الله في التوارة وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْطِي لِقَارِئِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا يُعْطِي لِقَارِئِ أُمِّ الْقُرْآنِ إِذِ اللَّهُ بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ وَأَعْطَاهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى غَيْرَهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ قَالَ وَقَوْلُهُ أَعْظَمُ سُورَةٍ أَرَادَ بِهِ فِي الْأَجْرِ لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ
وَقَالَ قَوْمٌ بِالتَّفْضِيلِ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْفَضْلُ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ الْأَجْرِ وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ بِحَسْبِ انْفِعَالَاتِ النَّفْسِ وَخَشْيَتِهَا وَتَدَبُّرِهَا وَتَفَكُّرِهَا عِنْدَ وُرُودِ أَوْصَافِ الْعُلَا وَقِيلَ بَلْ يَرْجِعُ لِذَاتِ اللَّفْظِ وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرحيم} وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ وَآخِرُ سُورَةِ الْحَشْرِ وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ مِنَ الدَّلَالَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَصِفَاتِهِ لَيْسَ مَوْجُودًا مثلا في {تبت يدا
أبي لهب وتب} وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فَالتَّفْضِيلُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَعَانِي الْعَجِيبَةِ وَكَثْرَتِهَا لَا مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ
وَمِمَّنْ قَالَ بِالتَّفْضِيلِ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَتَوَسَّطَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فَقَالَ: كَلَامُ اللَّهِ فِي اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ فِي غَيْرِهِ، فَـ {قُلْ هو الله أحد} أفضل من {تبت يدا أبي لهب وتب} وَعَلَى ذَلِكَ بَنَى الْغَزَالِيُّ كِتَابَهُ الْمُسَمَّى بِجَوَاهِرِ الْقُرْآنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: "إِنِّي لَأُعَلِّمُكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَلِحَدِيثِ أُبَّيِ بْنِ كَعْبٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَا أُبَيُّ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: "لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ"
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ
وَفِي التِّرْمِذِيِّ غَرِيبًا عَنْهُ مَرْفُوعًا: "لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ فِيهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ"
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق