الخميس، 6 يونيو 2013

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ}

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} قِيلَ: اسْتِعَارَةُ الْوَاوِ مَوْضِعَ الْبَاءِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي مَعْنَى الْجَمْعِ إِذِ الْبَاءُ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِلْصَاقِ وَهُوَ جَمْعٌ وَالْوَاوُ مَوْضُوعَةٌ لِلْجَمْعِ وَالْحُرُوفُ يَنُوبُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَتَقُولُ عُرْفًا: جَاءَ الْأَمِيرُ بِالْجَيْشِ إِذَا كَانَ مَجِيئُهُمْ مُضَافًا إِلَيْهِ بِتَسْلِيطِهِ أَوْ بِأَمْرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَلَكَ إِنَّمَا يَجِيءُ بِأَمْرِهِ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: {وَهُمْ بأمره يعملون} فَصَارَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ: جَاءَ الملك بأمر ربك وهو كقوله:{اذهب أنت وربك} أَيِ اذْهَبْ أَنْتَ بِرَبِّكَ أَيْ بِتَوْفِيقِ رَبِّكَ وَقُوَّتِهِ إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا يُقَاتِلُ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ صَرْفُ الْكَلَامِ إِلَى الْمَفْهُومِ فِي الْعُرْفِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قَالَ قَتَادَةُ: عَنْ شِدَّةٍ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: أَيْ عَنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ قَالَ الشَّاعِرُ: *وَقَامَتِ الحرب عن سَاقْ*
وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا وَقَعَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ يَحْتَاجُ إِلَى مُعَانَاةٍ وَجِدٍّ فِيهِ شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ فَاسْتُعِيرَتِ السَّاقُ فِي مَوْضِعِ الشِّدَّةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْتُ فِي جنب الله} قَالَ اللُّغَوِيُّونَ: مَعْنَاهُ مَا فَرَّطْتُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي ذَلِكَ وَالْجَنْبُ الْمَعْهُودُ مِنْ ذَوِي الْجَوَارِحِ لَا يَقَعُ فِيهِ تَفْرِيطٌ أَلْبَتَّةَ فَكَيْفَ يَجُوزُ وَصْفُ الْقَدِيمِ سُبْحَانَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ!
قَوْلُهُ تعالى: {سنفرغ لكم أيها الثقلان} فَرَغَ يَأْتِي بِمَعْنَى قَطَعَ شُغْلًا أَتَفَرَّغُ لَكَ أَيْ أَقْصِدُ قَصْدَكَ وَالْآيَةُ مِنْهُ أَيْ سَنَقْصِدُ لِعُقُوبَتِكُمْ وَنُحْكِمُ جَزَاءَكُمْ
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذبا} إِنْ قِيلَ: لِأَيِّ عِلَّةٍ نُسِبَ الظَّنُّ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ شَكٌّ

قِيلَ: فِيهِ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الظَّنُّ لِفِرْعَوْنَ وَهُوَ شَكٌّ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ: {فَأَطَّلِعَ إلى إله موسى} وَإِنِّي لَأَظُنُّ مُوسَى كَاذِبًا فَالظَّنُّ عَلَى هَذَا لِفِرْعَوْنَ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} عَلَى مَعْنَى وَإِنِّي لَأَعْلَمُهُ كَاذِبًا فَإِذَا كَانَ الظَّنُّ لِلَّهِ كَانَ عِلْمًا وَيَقِينًا وَلَمْ يَكُنْ شَكًّا كَقَوْلِهِ: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}
وقوله: {لا تأخذه سنة ولا نوم} لَمْ يُرِدْ سُبْحَانَهُ بِنَفْيِ النَّوْمِ وَالسِّنَةِ عَنْ نَفْسِهِ إِثْبَاتَ الْيَقَظَةِ وَالْحَرَكَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلَّهِ تَعَالَى يَقْظَانُ وَلَا نَائِمٌ لِأَنَّ الْيَقْظَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ نَوْمٍ وَلَا يَجُوزُ وَصْفُ الْقَدِيمِ بِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ كَقَوْلِهِ: مَا أَنَا عَنْكَ بِغَافِلٍ

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43329

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق