وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي السَّجْدَةِ: {عَذَابَ النار الذي كنتم به تكذبون} بِلَفْظِ الَّذِي عَلَى وَصْفِ الْعَذَابِ وَفِي سَبَأٍ {عذاب النار التي} بِلَفْظِ الَّتِي عَلَى وَصْفِ النَّارِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ وَصَفَ الْعَذَابَ فِي السَّجْدَةِ لِوُقُوعِ النَّارِ مَوْقِعَ الضَّمِيرِ الَّذِي لَا يُوصَفُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ مَوْقِعَ الضَّمِيرِ لِتَقَدُّمِ إِضْمَارِهَا مَعَ قَوْلِهِ: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} فَحَقُّ الْكَلَامِ وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَهَا فَلَمَّا وَضَعَهَا مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْوَصْفَعدل إلى وصف العذاب وأما فِي سَبَأٍ فَوَصَفَهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ وَصْفِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الَّذِي فِي السَّجْدَةِ وَصْفُ النَّارِ أَيْضًا وَذُكِرَ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى الْجَحِيمِ وَالْحَرِيقِ وَالثَّالِثُ أَنَّ الَّذِي فِي السَّجْدَةِ فِي حَقِّ مَنْ يُقِرُّ بِالنَّارِ وَيَجْحَدُ الْعَذَابَ وَفِي سَبَأٍ فِي حَقِّ مَنْ يَجْحَدُ أَصْلَ النَّارِ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ إِنَّمَا وَصَفَ الْعَذَابَ فِي السَّجْدَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ النَّارِ مُضْمَرًا وَمُظْهَرًا عَدَلَ إِلَى وَصْفِ الْعَذَابِ لِيَكُونَ تَلْوِينًا لِلْخِطَابِ فَيَكُونَ أَنْشَطَ لِلسَّامِعِ بِمَنْزِلَةِ الْعُدُولِ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الخطاب
ومنه قوله تعالى: {توفته رسلنا} وقوله: {تتوفاهم الملائكة} وبين قوله: {قل قل يتوفاكم ملك الموت} وبين قوله: {الله يتوفى الأنفس} {وهو الذي يتوفاكم بالليل} وَجَمَعَ الْبَغَوِيُّ بَيْنَهَا لِأَنَّ تَوَفِّيَ الْمَلَائِكَةِ بِالْقَبْضِ وَالنَّزْعِ وَتَوَفِّيَ مَلَكِ الْمَوْتِ بِالدُّعَاءِ وَالْأَمْرِ يَدْعُو الْأَرْوَاحَ فَتُجِيبُهُ ثُمَّ يَأْمُرُ أَعْوَانَهُ بِقَبْضِهَا وَتَوَفِّيَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ خَلْقُ الْمَوْتِ فِيهِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى في البقرة: {فاتقوا النار} وفي سورة التحريم: {نارا} بِالتَّنْكِيرِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ آيَةِ الْبَقَرَةِ فَلَمْ تَكُنِ النَّارُ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ مَعْرُوفَةً فَنَكَّرَهَا ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ الْبَقَرَةِ بِالْمَدِينَةِ مُشَارًا بِهَا إِلَى مَا عَرَفُوهُ أَوَّلًا
وَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمنا} وَفِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمنا} لِأَنَّهُ فِي الدَّعْوَةِ الْأَوْلَى كَانَ مَكَانًا فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ بَلَدًا آمِنًا وَفِي الدَّعْوَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ بَلَدًا غَيْرَ آمِنٍ فَعَرَّفَهُ وَطَلَبَ لَهُ الْأَمْنَ أَوْ كَانَ بَلَدًا آمِنًا وَطَلَبَ
ثَبَاتَ الْأَمْنِ وَدَوَامَهُ وَكَوْنُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَدَنِيَّةً وَسُورَةِ إِبْرَاهِيمَ مَكِّيَّةً لَا يُنَافِي هَذَا لِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ كَوْنُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ أَوْ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ مِنْهُ مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَيَكُونُ الْمَدَنِيُّ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا وَمِنْهُ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فَيَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْمَدَنِيِّ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ سُورَةَ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْمَكِّيِّ الَّذِي نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43316
ومنه قوله تعالى: {توفته رسلنا} وقوله: {تتوفاهم الملائكة} وبين قوله: {قل قل يتوفاكم ملك الموت} وبين قوله: {الله يتوفى الأنفس} {وهو الذي يتوفاكم بالليل} وَجَمَعَ الْبَغَوِيُّ بَيْنَهَا لِأَنَّ تَوَفِّيَ الْمَلَائِكَةِ بِالْقَبْضِ وَالنَّزْعِ وَتَوَفِّيَ مَلَكِ الْمَوْتِ بِالدُّعَاءِ وَالْأَمْرِ يَدْعُو الْأَرْوَاحَ فَتُجِيبُهُ ثُمَّ يَأْمُرُ أَعْوَانَهُ بِقَبْضِهَا وَتَوَفِّيَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ خَلْقُ الْمَوْتِ فِيهِ
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى في البقرة: {فاتقوا النار} وفي سورة التحريم: {نارا} بِالتَّنْكِيرِ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ آيَةِ الْبَقَرَةِ فَلَمْ تَكُنِ النَّارُ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ مَعْرُوفَةً فَنَكَّرَهَا ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ الْبَقَرَةِ بِالْمَدِينَةِ مُشَارًا بِهَا إِلَى مَا عَرَفُوهُ أَوَّلًا
وَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمنا} وَفِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمنا} لِأَنَّهُ فِي الدَّعْوَةِ الْأَوْلَى كَانَ مَكَانًا فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ بَلَدًا آمِنًا وَفِي الدَّعْوَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ بَلَدًا غَيْرَ آمِنٍ فَعَرَّفَهُ وَطَلَبَ لَهُ الْأَمْنَ أَوْ كَانَ بَلَدًا آمِنًا وَطَلَبَ
ثَبَاتَ الْأَمْنِ وَدَوَامَهُ وَكَوْنُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَدَنِيَّةً وَسُورَةِ إِبْرَاهِيمَ مَكِّيَّةً لَا يُنَافِي هَذَا لِأَنَّ الْوَاقِعَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ كَوْنُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ أَوْ لِأَنَّ الْمَكِّيَّ مِنْهُ مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَيَكُونُ الْمَدَنِيُّ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا وَمِنْهُ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فَيَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْمَدَنِيِّ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ سُورَةَ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْمَكِّيِّ الَّذِي نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43316
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق