الخميس، 6 يونيو 2013
القسم الثالث حذف الياء
القسم الثالث حذف الياء
الثالث: حذف الياء اكتفاء بالكسرة نحو فارهبون فاعبدونقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْيَاءُ النَّاقِصَةُ فِي الْخَطِّ ضَرْبَانِ ضَرْبٌ مَحْذُوفٌ فِي الْخَطِّ ثَابِتٌ فِي التِّلَاوَةِ وَضَرْبٌ مَحْذُوفٌ فِيهِمَا.
فَالْأَوَّلُ: هُوَ بِاعْتِبَارٍ مَلَكُوتِيٍّ بَاطِنٍ وَيَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ:
مَا هُوَ ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ وَمَا هُوَ لَامُ الْكَلِمَةِ.
فَالْأَوَّلُ: إِذَا كَانَتِ الْيَاءُ ضَمِيرَ الْمُتَكَلِّمِ مِثْلَ: {فَكَيْفَ كَانَ عذابي ونذر} ثَبَتَتِ الْيَاءُ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَلَكُوتِيٌّ وَكَذَلِكَ: {فما آتاني الله خير مما آتاكم} حُذِفَتِ الْيَاءُ لِاعْتِبَارِ مَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالنُّبُوَّةِ فَهُوَ الْمُؤْتَى الْمَلَكُوتِيُّ مِنْ قِبَلِ الْآخِرَةِ وَفَى ضِمْنِهِ الْجُسْمَانِيِّ لِلدُّنْيَا لِأَنَّهُ فَانٍ وَالْأَوَّلُ ثَابِتٌ
وَكَذَلِكَ: {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لك به علم} وَعِلْمُ هَذَا الْمَسْئُولِ غَيْبٌ مَلَكُوتِيٌّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ، فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لك منه ذكرا}
لِأَنَّ هَذَا سُؤَالٌ عَنْ حَوَادِثِ الْمِلْكِ فِي مقام الشاهد كخرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار
وكذلك: {أجيب دعوة الداع إذا دعان} فَحَذْفُ الضَّمِيرِ فِي الْخَطِّ
دَلَالَةٌ عَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْمَلَكُوتِ بِإِخْلَاصِ الْبَاطِنِ
وَكَذَلِكَ: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتبعن} هو الاتباع العلمي في دين الله بِالْجَوَارِحِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَطَاعَتُهُ
وَكَذَلِكَ: {لمن خاف مقامي وخاف وعيد} ثَبَتَتِ الْيَاءُ فِي الْمَقَامِ لِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ وَحُذِفَتْ مِنَ الْوَعِيدِ لِاعْتِبَارِهِ مَلَكُوتِيًّا فَخَافَ الْمَقَامَ مِنْ جِهَةِ مَا ظَهَرَ لِلْأَبْصَارِ وَخَافَ الْوَعِيدَ مِنْ جِهَةِ إِيمَانِهِ بِالْأَخْبَارِ
وَكَذَلِكَ: {لئن أخرتن إلى يوم القيامة} هُوَ التَّأْخِيرُ بِالْمُؤَاخَذَةِ لَا التَّأْخِيرُ الْجِسْمِيُّ فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} لِأَنَّ هَذَا تَأْخِيرٌ جِسْمِيٌّ فِي الدُّنْيَا الظَّاهِرَةِ
وَكَذَلِكَ: {عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رشدا} ، سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي أُمُورٍ مَحْسُوسَةٍ وَالْهِدَايَةُ فِيهِ مَلَكُوتِيَّةٌ وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ فِي قِصَّةِ الْغَارِ وهو في العدد: {ثاني اثنين} حَتَّى خَرَجَ بِدِينِهِ عَنْ قَوْمِهِ بِأَقْرَبَ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْكَهْفِ حِينَ خَرَجُوا بِدِينِهِمْ عَنْ قومهم وعدوهم عَلَى مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا فِيهِ وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ بِخِلَافِ مَا قَالَ مُوسَى: {عَسَى رَبِّي أن يهديني سواء السبيل} فَإِنَّهَا هِدَايَةُ السَّبِيلِ الْمَحْسُوسَةِ إِلَى مَدْيَنَ فِي عَالَمِ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مدين}
وَكَذَلِكَ: {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}
وكذلك: {ولا تتبعان} هُوَ فِي طَرِيقِ الْهِدَايَةِ لَا فِي مَسِيرِ موسى إلى ربه بدليل:
: {أفعصيت أمري} وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْمَسِيرِ الْحِسِّيِّ إِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَخْلُفَهُ فِي قَوْمِهِ وَيُصْلِحَ وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ هارون: {فاتبعوني وأطيعوا أمري} فَإِنَّهُ اتِّبَاعٌ مَحْسُوسٌ فِي تَرْكِ مَا سِوَاهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَطِيعُوا أَمْرِي وَهُوَ لَا أَمْرَ لَهُ إِلَّا الْحِسِّيُّ.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق