الخميس، 6 يونيو 2013

وَقِيلَ: بَلِ الثَّانِيَةُ نَاسِخَةٌ قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ زز

وَقِيلَ: بَلِ الثَّانِيَةُ نَاسِخَةٌ قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ الظاهر أن قوله: {اتقوا الله حق تقاته} إِنَّمَا نُسِخَ حُكْمُهُ لَا فَضْلُهُ وَأَجْرُهُ وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {حَقَّ تُقَاتِهِ} بِأَنْ قَالَ: "هُوَ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ" فَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ؟ فَنَزَلَتْ {فَاتَّقُوا اللَّهَ ما استطعتم} وَكَانَ التَّكْلِيفُ أَوَّلًا بِاسْتِيعَابِ الْعُمُرِ بِالْعِبَادَةِ بِلَا فَتْرَةٍ وَلَا نُعَاسٍ كَمَا كَانَتِ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ ثُمَّ صَارَتْ بِحَسْبِ الِاسْتِطَاعَةِ خَمْسًا وَالِاقْتِدَارُ مُنَزَّلٌ على هذا الاعتبار ولم ينحط من درجاتهوَقَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الزَّمْلَكَانِيُّ: وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ مَنْسُوخًا نَظَرٌ وَقَوْلُهُ: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} هُوَ {حَقَّ تُقَاتِهِ} إِذْ بِهِ أَمَرَ فَإِنَّ {حَقَّ تُقَاتِهِ} الْوُقُوفُ عَلَى أَمْرِهِ وَدِينِهِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنَيِّرِ فِي تَفْسِيرِهِ {حَقَّ تُقَاتِهِ} لَمْ يَثْبُتْ مَرْفُوعًا بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ ابن مسعود رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ قَوْلُ الصَّحَابَةِ: "أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ" وَنُزُولُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ ألا تعدلوا فواحدة} مَعَ قَوْلِهِ فِي أَوَاخِرِ السُّورَةِ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} فَالْأُولَى تُفْهِمُ إِمْكَانَ الْعَدْلِ وَالثَّانِيَةُ تَنْفِيهِ
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ فِي الْأُولَى الْعَدْلُ بَيْنَ الْأَزْوَاجِ فِي تَوْفِيَةِ حُقُوقِهِنَّ وَهَذَا مُمْكِنُ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ الْمَيْلُ الْقَلْبِيُّ فَالْإِنْسَانُ لَا يَمْلِكُ مَيْلَ قَلْبِهِ إِلَى بَعْضِ زَوْجَاتِهِ دُونَ بَعْضٍ وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِي مَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا لَا أَمْلِكُ" يَعْنِي مَيْلَ الْقَلْبِ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: "اللَّهُ قَلْبِي فَلَا أَمْلِكُهُ وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ أَعْدِلَ"
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ فِي الثَّانِيَةِ الْعَدْلَ التَّامَّ أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ وَقَدْ يَحْتَاجُ الِاخْتِلَافُ إِلَى تَقْدِيرٍ فَيَرْتَفِعُ بِهِ الْإِشْكَالُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي


الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وعد الله الحسنى} ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى القاعدين أجرا عظيما} وَالْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ أُولِي الضَّرَرِ دَرَجَةً وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْأَصِحَّاءِ دَرَجَاتٍ
وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمَحْذُوفَ كَذَلِكَ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْخُلَاصَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَذْفِ النَّعْتِ وَلِلزَّمَخْشَرِيِّ فِيهِ كَلَامٌ آخَرُ
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يأمر بالفحشاء} مع قوله: {أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} وَالْمَعْنَى: أَمَّرْنَاهُمْ وَمَلَّكْنَاهُمْ وَأَرَدْنَا مِنْهُمُ الصَّلَاحَ فَأَفْسَدُوا وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِهِ شَرْعًا وَلَكِنْ قَضَاءً لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَجْرِيَ في ملكه مالا يُرِيدُ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْأَمْرِ الْكَوْنِيِّ وَالدِّينِيِّ

http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=43313

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق